حل المجلس الإسلامي السوري وتحوّلات المشهد الديني
أعلن المجلس الإسلامي السوري حل نفسه بشكل رسمي، متضمناً حل جميع المؤسسات المرتبطة به مثل مجلس الإفتاء السوري ومجلس القراء السوري، وذلك استجابة لطلب الحكومة السورية في مرحلة ما بعد تحرير البلاد.
المجلس الإسلامي السوري تأسس في عام 2014 في ظل ظروف استثنائية، حينما اجتمعت عدة هيئات وروابط شرعية بهدف سد الفراغ الذي خلفته انحسار مؤسسات الدولة في المناطق المحررة، ليصبح المرجع الديني والدعوي لأعداد كبيرة من السوريين في تلك المناطق. وكان الهدف من تأسيس المجلس توحيد الكلمة بين العلماء والدعاة، وتوجيه المجتمع السوري، وتقديم الحلول الشرعية للمشكلات المختلفة التي تواجهها الثورة والبلاد، إلى جانب الحفاظ على الهوية والثورة السورية.
خلال سنوات عمله، شكل المجلس الإسلامي السوري منصة شرعية هامة، تضم مئات العلماء والدعاة المنتشرين في مناطق شمال سوريا وتركيا ومناطق أخرى حول العالم. وقد لعب دوراً بارزاً في إصدار الفتاوى ومتابعة القضايا الدينية والاجتماعية المتعلقة بالمجتمع السوري في ظل ظروف صعبة للغاية.
كان الشيخ أسامة الرفاعي يتولى رئاسة المجلس، وفي عام 2021 تم انتخابه مفتيًا عامًا لسوريا، في خطوة جاءت بعد إلغاء النظام السابق لمنصب المفتي العام في مناطق سيطرته. وقد أُنشئ مجلس أعلى للإفتاء في سوريا برئاسة الرفاعي، بهدف تنظيم العمل الشرعي وتقديم الفتاوى في مختلف القضايا المستجدة، والإشراف على لجان الإفتاء بالمحافظات.
الإعلان عن حل المجلس جاء في سياق المرحلة الجديدة التي تشهدها البلاد بعد استعادة الدولة سيطرتها على معظم المناطق، ما دعا إلى إعادة تنظيم المؤسسات الدينية تحت مظلة رسمية واحدة. ويشير هذا التطور إلى تحول في المشهد الديني السوري من اللامركزية والتنظيمات المستقلة نحو هيكلة موحدة تخضع لإشراف الدولة.
بهذا القرار، يُختتم فصل مهم في المشهد الديني السوري الحديث، ويبدأ فصل جديد يأمل الجميع أن يعزز الاستقرار ويضع إطاراً موحداً للعمل الديني الشرعي، بعيداً عن التشتت والانقسامات التي شهدتها السنوات الماضية.
في النهاية، يبرز حل المجلس الإسلامي السوري كخطوة تعكس التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا، وتؤكد على الحاجة الملحة لوحدة مؤسسات المجتمع بما يضمن التناغم بين الدين والدولة في مرحلة إعادة البناء والسلام.
