في خطوة نادرة داخل القضاء التركي، صدرت أحكام قضائية بحق عدد من جنود حرس الحدود (الجندرما) بعد إدانتهم بقتل لاجئين سوريين وتعذيب آخرين على الحدود السورية–التركية، في واقعة أثارت الغضب والقلق من تفشي الانتهاكات بحق اللاجئين الفارين من الحرب.
تفاصيل القضية تعود إلى ربيع عام 2023، حين تم توقيف مجموعة من اللاجئين السوريين أثناء محاولتهم عبور الحدود باتجاه تركيا. وبعد نقلهم إلى مراكز احتجاز، تعرّض بعضهم – بحسب ما تم تداوله إعلاميًا – لتعذيب قاسٍ شمل الضرب بالعصي الحديدية والخشبية، وإجبارهم على شرب مواد سامة، إضافة إلى إهانات مستمرة.
الواقعة تسببت بمقتل لاجئين اثنين، تم دفن أحدهما داخل قطعة عسكرية، بينما أُلقي بجثة الآخر أمام أحد مراكز الترحيل، في محاولة من مرتكبي الجريمة لإخفاء الأدلة.
المحكمة أصدرت حكمًا بالسجن المؤبد على أربعة جنود بعد أن ثبت تورطهم المباشر في القتل، بينما تراوحت أحكام بقية المتهمين بين عدة سنوات وصولًا إلى سبع سنوات ونصف، بتهم التعذيب والإخفاء المتعمد للجثث والعبث بالأدلة. الأحكام استندت إلى اعترافات من الجنود أنفسهم، بالإضافة إلى شهادات بعض اللاجئين الذين نجوا من الحادثة وقدموا روايات متطابقة أمام القضاء.
وتُعد هذه الأحكام القضائية واحدة من الحالات النادرة التي يتم فيها إدانة عناصر أمنية في تركيا بتهم تتعلق بانتهاكات ضد اللاجئين. وهي سابقة يأمل كثيرون أن تكون بداية لتحول في مسار التعامل مع ملف الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون، خصوصًا على الشريط الحدودي.
لطالما مثّل عبور الحدود التركية خطرًا على حياة الآلاف من اللاجئين، حيث ارتفعت حالات التعذيب والانتهاكات بشكل واضح منذ عام 2016، وهو العام الذي بدأت فيه السلطات التركية إنشاء جدار عازل على طول الشريط الحدودي مع سوريا. وشهدت السنوات الأخيرة تزايدًا في شهادات توثّق أعمال عنف وقتل تعرض لها لاجئون خلال محاولاتهم الدخول إلى الأراضي التركية.
ورغم أن تركيا تُعد البلد الأكبر استضافةً للاجئين السوريين، إذ يعيش فيها نحو 2.6 مليون لاجئ تحت بند "الحماية المؤقتة"، فإن الحدود بين البلدين كانت مسرحًا لانتهاكات متعددة، وسط دعوات حقوقية متكررة لوقف العنف ومحاسبة مرتكبيه.
الملف لا يزال مفتوحًا، والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية تواصل الضغط من أجل ضمان العدالة وإنهاء حالات الإفلات من العقاب، وفتح مسارات آمنة وإنسانية أمام من لا يزالون مضطرين للفرار من جحيم الحرب والفقر والتهديدات الأمنية.