إعلام تحت النار في القنيطرة

2025.06.17 - 11:48
Facebook Share
طباعة

 تواجه حرية الصحافة في الجنوب السوري تصعيدًا خطيرًا مع تزايد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الإعلاميين خلال تغطيتهم الميدانية للأحداث في محافظة القنيطرة. الحادثة الأخيرة التي طالت صحفيين أثناء توثيق آثار القصف المتبادل بين إسرائيل وإيران، أعادت تسليط الضوء على التوغلات الإسرائيلية المتكررة والانتهاكات التي تتعرض لها الطواقم الإعلامية.


الاعتداء الأخير جرى خلال محاولة صحفيين تغطية الأضرار الناتجة عن سقوط بقايا صواريخ ومسيرات في مناطق مدنية، حيث تمت ملاحقتهم والتحقيق معهم داخل أراضٍ سورية بالكامل، بذريعة وجودهم في منطقة عسكرية. العملية استمرت أكثر من نصف ساعة، وسط ظروف ميدانية حساسة وخطر مباشر على حياتهم.


ولم تكن هذه الحادثة معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة من التعديات الموثقة، أبرزها إطلاق نار مباشر على صحفيين، واعتقال وضرب ومصادرة معدات، في محاولات واضحة لإعاقة التغطية الإعلامية المستقلة في المناطق الحدودية. وتشير هذه الحوادث إلى نمط ممنهج يُمارس ضد الإعلام الحر، بما يتجاوز مجرد حالات فردية أو تجاوزات ميدانية.


في إحدى الحوادث السابقة، أصيب إعلامي بطلق ناري مباشر أثناء تغطيته لتظاهرة مدنية، ما تسبب له بإصابات جسدية بالغة، نُقل على إثرها إلى المستشفى. وفي حادثة أخرى، اعتُقل مصور أجنبي ومتعاون سوري خلال تغطية صحفية، وتمت مصادرة أجهزتهما، وتعرضا للضرب والتكبيل، رغم ارتدائهما الزي الصحفي الواضح.


كما طالت الاعتداءات مدنيين في أثناء ملاحقة الإعلاميين، إذ سُجل اعتقال شابين وطفل خلال مطاردة صحفيين في إحدى قرى القنيطرة. وعلى الرغم من الإفراج عنهم لاحقًا، أفادت شهادات أنهم تعرضوا لسوء المعاملة، خاصة الطفل الذي تم تعنيفه قبل إطلاق سراحه.


القلق يتزايد في الأوساط الإعلامية المحلية والدولية من التوغل الإسرائيلي المتكرر في مناطق جنوب سوريا، حيث لا يقتصر الوجود العسكري الإسرائيلي على المواقع الحدودية، بل يمتد إلى داخل القرى، وصولًا إلى الطرق الرئيسية مثل أوتوستراد دمشق-القنيطرة. وتُجرى خلال تلك التوغلات عمليات تفتيش واسعة للمنازل والمارة، بما يعكس واقعًا مقلقًا من الانفلات الأمني وانتهاك السيادة.


هذه التطورات أثارت موجة من الدعوات المحلية والدولية لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة، تفضي إلى محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الصحفيين. المنظمات المعنية بحرية الإعلام تؤكد أن استهداف الصحفيين خلال أدائهم لواجبهم المهني في مناطق النزاع يُعدّ جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.


كما تشدد تلك الجهات على ضرورة توفير حماية فورية ودائمة للصحفيين العاملين في مناطق التماس، عبر آليات دولية تشمل الدعم القانوني والتقني والنفسي، فضلًا عن الضغط الدبلوماسي على الجهات المسؤولة لوقف تلك الاعتداءات.


ومع استمرار هذه الانتهاكات، تؤكد الأوساط الإعلامية في سوريا أن هذه الممارسات، وإن كانت تهدف إلى كتم الصوت وتغييب الصورة، لن تمنع الصحفيين من مواصلة دورهم في نقل الحقيقة من أرض الواقع.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3