يعيش آلاف النازحين في شمال وشرق سوريا أوضاعًا إنسانية متدهورة، وسط آمال معلقة على الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية”، وما قد يحمله من بوادر لحل أزمة التهجير المزمنة التي طالت مناطق عدة أبرزها رأس العين، تل أبيض، وعفرين.
منذ سنوات، وجد عشرات الآلاف من العائلات نفسها فجأة في خيام ممزقة، لا تقي من حرّ الصيف ولا من برد الشتاء. المخيمات التي تنتشر في ريفي الحسكة والرقة، إلى جانب ملاعب ومدارس تم تحويلها إلى مراكز إيواء مؤقتة، أصبحت موطنًا بديلًا لمواطنين فقدوا كل شيء بين ليلة وضحاها.
التقديرات تشير إلى أن أكثر من 30 ألف نازح من رأس العين وحدها يعيشون في مخيمات قرب الحسكة، بينما يقيم مهجّرو تل أبيض في ظروف مشابهة قرب الرقة. أما نازحو عفرين، فيتوزعون بين الطبقة ومرافق عامة تحوّلت إلى مأوى مؤقت وسط اكتظاظ وسوء في الخدمات الأساسية. ويعاني الجميع من غياب الرعاية الصحية، تفشي الأمراض، ونقص المياه والغذاء.
مع توقيع الاتفاق الأخير بين الحكومة السورية و"قسد"، بدأت بوادر أمل بالظهور، إذ يرى كثيرون أن هذا التفاهم قد يكون مفتاحًا لعودة آلاف العائلات إلى منازلها التي هجرت منها خلال سنوات الصراع. إلا أن المخاوف ما زالت قائمة من أن تبقى هذه الوعود حبراً على ورق، في ظل عدم وضوح آليات التنفيذ أو الضمانات الأمنية.
أغلب النازحين يطالبون بخطوات عملية تبدأ بإخراج القوات الأجنبية والفصائل المسلحة من مدنهم، ووقف الانتهاكات المستمرة بحق من يحاول العودة بشكل فردي، لا سيما في مدينة عفرين، التي تشهد تضييقاً واعتداءات موثقة بحق الأهالي.
المشهد في هذه المناطق يبدو ضبابياً، فبين بقايا منازل مهدمة ومخيمات منهكة، تستمر المعاناة اليومية، فيما تتعالى الأصوات المطالبة بأن تكون عودة النازحين آمنة، طوعية، وتحت إشراف دولي، تضمن لهم حياة كريمة بعيدة عن الخوف والثأر أو التمييز.
ومن أجل ذلك، تُطرح الحاجة الملحّة لتدخل جدي من الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، للضغط من أجل تنفيذ الاتفاقات وتحويلها إلى واقع ملموس، يضمن للسكان حقوقهم الأساسية، ويعيد إليهم الأمل بوطن مستقر.
في ظل هذه الظروف، تبقى عودة المهجرين مؤجلة، معلقة بين حسابات السياسة وموازين القوى، بينما يستمر الأطفال في النوم تحت الأغطية البلاستيكية، وتنتظر الأمهات نهاية الشتات، والحياة في منازلهم مرة أخرى.