تصعيد عسكري يهز إسرائيل وإيران تعلن استمرار الرد

2025.06.15 - 11:11
Facebook Share
طباعة

 شهدت إسرائيل الليلة الماضية واحدة من أعنف موجات القصف الصاروخي التي تشنها إيران مباشرة على أراضيها، في سابقة خطيرة تهدد بإشعال حرب إقليمية مفتوحة. الهجوم الإيراني الذي جاء كردّ على استهداف منشآت نووية داخل إيران، خلّف قتلى وجرحى ودماراً هائلاً، وسط صمت دولي نسبي ومخاوف من اتساع رقعة الاشتباك.


تفاصيل الهجوم الصاروخي الإيراني
و بدأت إيران بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ الباليستية التكتيكية نحو أهداف متعددة داخل إسرائيل، في حيفا تل أبيب، بات يام، حيفا، ورحوفوت. ووفقاً لمصادر إسرائيلية، استُخدم في هذه الضربات نحو 90 صاروخًا موزعة على دفعتين متتاليتين.


الدفعة الأولى استهدفت مدناً شمالية بـ40 صاروخاً، بينما ركزت الدفعة الثانية على مناطق حساسة في جنوب تل أبيب بـ50 صاروخاً، من بينها المدينة الساحلية بات يام، التي تحولت إلى ما يشبه منطقة كوارث.


الصواريخ المستخدمة، حسب وكالة "فارس" الإيرانية، كانت من طراز "عماد"، "قادر"، و"خيبر"، وهي صواريخ موجهة تعمل بالوقود الصلب، مزودة برؤوس شديدة الانفجار، بالإضافة إلى صاروخ فرط صوتي استخدم في الهجوم الأخير على حيفا.


حصيلة الخسائر في إسرائيل
أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية مقتل 6 أشخاص، بينهم امرأة في العشرينيات من عمرها في حيفا، وارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 240، بعضهم في حالات حرجة. وصرّح جهاز الإسعاف الإسرائيلي (نجمة داود الحمراء) بأن الأضرار الناجمة عن الصواريخ شملت أحياء كاملة في تل أبيب الكبرى، حيث انهارت مبانٍ سكنية بالكامل في بات يام.


قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وصف الليلة بـ"الأسوأ منذ سنوات"، فيما أعلنت بلدية بات يام أن أكثر من 20 شخصاً ما زالوا تحت الأنقاض، في حين أصيبت 61 بناية بأضرار مباشرة، بينها انهيارات جزئية وكاملة.


صحيفة "يسرائيل هيوم" كشفت أن السلطات أنشأت مركزاً خاصاً للتعرف على جثث القتلى، بعد صعوبة التعرف على عدد من الضحايا الذين انتُشلوا من تحت الركام. كما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن أحياء بأكملها في حيفا وطمرة وكريوت تضررت جراء الضربات.


أهداف إيرانية دقيقة: منشآت علمية وعسكرية إسرائيلية
الهجوم الإيراني استهدف أيضاً منشآت علمية وأمنية بارزة. فقد أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن أحد الصواريخ أصاب مبنى تابعًا لمعهد وايزمن للأبحاث في مدينة رحوفوت، محدثًا أضرارًا جسيمة. كما ذكرت "نيويورك تايمز" أن أحد مراكز الأبحاث العلمية في إسرائيل تعرض لقصف مباشر، أدى إلى نشوب حريق ضخم داخل مختبرات متقدمة.


الرقابة العسكرية الإسرائيلية فرضت حظراً على نشر تفاصيل تتعلق بالأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الإستراتيجية أو أي منشآت أمنية حساسة، وسط تقارير عن احتمال تضرر مواقع لها صلة بالأبحاث النووية أو التقنية المتقدمة.


الموقف الإيراني: الرد مستمر وتحذير من التصعيد
في تصريح بارز عقب الهجمات، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن إيران تحتفظ بحق الرد الكامل، مؤكداً أن الرد لن يتوقف طالما استمرت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي والمنشآت الإيرانية.


وحذّر عراقجي من توسيع الصراع إلى منطقة الخليج، معتبراً أن "أي محاولة لتحويل ساحة المواجهة إلى مياه الخليج ستكون خطأً استراتيجياً فادحاً". كما حمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما يحدث، واصفاً إياها بـ"الشريك الكامل في العدوان الإسرائيلي".


في السياق ذاته، دعا عراقجي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية، مطالباً المجتمع الدولي بعدم الاكتفاء بالصمت "أمام جرائم تمس الأمن الإقليمي والدولي".


إسرائيل تحذّر الإيرانيين: ابتعدوا عن منشآتكم النووية
رداً على الضربات الصاروخية، أصدر الجيش الإسرائيلي صباح الأحد تحذيراً علنياً غير مسبوق على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، خاطب فيه المدنيين الإيرانيين المقيمين بالقرب من المفاعلات والمنشآت النووية. جاء في البيان:
"من أجل سلامتكم، نحث كل من يتواجد قرب مواقع الأسلحة النووية والمنشآت الداعمة في إيران على إخلائها فوراً وعدم العودة إليها حتى إشعار آخر. الوجود في تلك المناطق يعرّض حياتكم للخطر."


وقد فُسّر هذا التحذير كتمهيد لهجوم إسرائيلي جديد على منشآت نووية إيرانية، مما يرفع منسوب التوتر إلى مستويات غير مسبوقة.


الوكالة الدولية للطاقة الذرية: قلق وتحقيق عاجل
في تطور مهم، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستعقد اجتماعًا طارئًا لمحافظيها يوم الاثنين لمناقشة تداعيات القصف الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، خاصة في أصفهان.


وأشارت الوكالة إلى تضرر أربع منشآت في الموقع، بينها منشأة لمعالجة اليورانيوم وأخرى لصناعة صفائح الوقود النووي. وقد أبدت الوكالة قلقها من إمكانية تأثير تلك الهجمات على الأمن والسلامة النووية في المنطقة، مشددة على أن أي تهديد أو هجوم على منشآت نووية لأغراض سلمية يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.


ورغم فداحة الضربات، يواصل كل طرف التصعيد الكلامي والتحركات العسكرية، ما ينذر باحتمالية توسع دائرة النزاع لتشمل ربما دولاً أخرى، أو حتى تهديد الملاحة في الخليج العربي.


في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح دولياً: هل ما حدث فجر الأحد هو بداية حرب كبرى؟ أم مجرد جولة جديدة في حرب الظلال الطويلة بين طهران وتل أبيب؟ الجواب رهن بالساعات والأيام المقبلة، في ظل تحركات دبلوماسية خجولة ومحاولات تجنب الأسوأ.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10