أعلنت الرئاسة السورية في المرحلة الانتقالية، مساء الجمعة 13 حزيران 2025، عن تشكيل اللجنة العليا للإشراف على انتخابات مجلس الشعب، وذلك بموجب المرسوم رقم "66"، في خطوة اعتُبرت محورية ضمن خارطة التحول السياسي والدستوري في البلاد.
تأتي هذه الخطوة استنادًا إلى الإعلان الدستوري المؤقت، ولا سيما المادة 24 منه، التي تنص على ضرورة تفعيل الحياة البرلمانية كأحد أسس بناء دولة قائمة على الفصل بين السلطات، وتعزيز دور التشريع في المرحلة المقبلة.
اللجنة التي شُكّلت بموجب المرسوم، تتألف من 11 عضوًا من مختلف الخلفيات السياسية والقانونية، ويترأسها محمد طه الأحمد، وستتولى الإشراف الكامل على العملية الانتخابية بدءًا من تنظيم الهيئات الفرعية الناخبة، وصولًا إلى إدارة آلية اختيار أعضاء مجلس الشعب.
وينص المرسوم على أن مجلس الشعب الجديد سيتألف من 150 عضوًا، يتم اختيار ثلثهم بالتعيين الرئاسي المباشر، بينما يُنتخب الثلثان الباقيان من قبل هيئات ناخبة محلية، يتم تشكيلها بإشراف اللجنة العليا، لضمان أوسع تمثيل شعبي ممكن.
وقد تم توزيع المقاعد البرلمانية بين المحافظات السورية وفق التعداد السكاني والتوازنات الإدارية، فجاءت حلب في الصدارة بـ20 مقعدًا، تلتها دمشق بـ11، ثم ريف دمشق بـ10، وحمص بـ9، فيما توزعت بقية المقاعد على المحافظات الأخرى، مع تخصيص مقعدين فقط لمحافظة القنيطرة.
يمثل هذا التوزيع محاولة لإحداث توازن بين مختلف المناطق، وتوفير فرص مشاركة واسعة ضمن العملية السياسية الجديدة، خصوصًا في ظل التحديات التي فرضتها سنوات طويلة من النزاع والانقسام.
وتعد هذه اللجنة أول هيئة وطنية تُشكَّل في إطار تفعيل السلطات الدستورية خلال المرحلة الانتقالية، بعد حل مجلس الشعب السابق بموجب ما عرف بـ"مؤتمر النصر"، والذي أقرّ إلغاء كافة المؤسسات القائمة تمهيدًا لإعادة تشكيلها على أسس جديدة.
ووفقًا للإعلان الدستوري، سيكون مجلس الشعب الجهة المخولة بتولي المهام التشريعية كاملة، إضافة إلى دور رقابي مباشر على أعمال السلطة التنفيذية، ما يعزز من موقعه ضمن البنية السياسية الجديدة.
تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب يأتي أيضًا بعد مشاورات داخلية وخارجية، كانت قد تناولت أهمية الشفافية والانفتاح في المرحلة المقبلة، حيث حظيت هذه الخطوة بترحيب أممي حذر، على أمل أن تكون مقدمة لمسار ديمقراطي يشارك فيه جميع السوريين دون إقصاء.
ويرى مراقبون أن المرحلة القادمة ستشكّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة مؤسسات المرحلة الانتقالية على إنجاز عملية انتخابية شاملة، تُعيد الثقة بالحياة السياسية وتفتح الباب أمام إعادة بناء الدولة وفق أسس تمثيلية ودستورية جديدة.