طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، القيام بدور وسيط في استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسوريا. ووفقًا لموقع "أكسيوس"، فإن الهدف الأول هو تحديث اتفاقية فض الاشتباك الأمنية التي ترجع إلى عام 1974، بما يشمل تعديلاتها، على أن يتبعها لاحقًا اتفاق سلام شامل
وتعد هذه أول مفاوضات مباشرة بين الطرفين منذ عام 2011. بدأت الاتصالات غير مباشرة عبر وسطاء في دول ثالثة، ثم تحولت إلى لقاءات سرية مباشرة). إسرائيل تقول إنها تسعى لاستغلال الزخم الذي ولدته زيارة باراك إلى دمشق واجتماعه بالرئيس السوري أحمد الشرع، وكذلك اللقاء بين ترامب والشرع في الرياض، ورفع العقوبات الأميركية
ومن الخطوط الحمراء التي وضعتها تل أبيب: عدم وجود قواعد تركية أو عودة للأدوار الإيرانية أو حزب الله، ونزع السلاح من جنوب سوريا. كما تصر إسرائيل على إبقاء قواتها الحالية حتى توقيع اتفاق جديد، مع إدخال قوات أميركية ضمن قوة الأمم المتحدة في المنطقة
وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو يسعى لتحقيق تطبيع العلاقات "في أقرب وقت ممكن"، معتمدًا على تقويمه للوضع السوري الجديد تحت إدارة الشرع.
الخلفيات
1. جغرافيا اتفاق 1974
بعد حرب تشرين 1973، جرى توقيع اتفاقية فض الاشتباك، التي قسمت مرتفعات الجولان، وأقامت منطقة منزوعة السلاح بين الطرفين. منذ ذلك الحين، تغيّر المشهد العسكري والسياسي عدة مرات، دون أن يتحقق السلام. جدّة المفاوضات تأتي في ظل تغيّرات استراتيجية جديدة.
2. تنقل النفوذ الإيراني – الحذر الإسرائيلي
خلال عقد الحرب السورية، عزّزت إيران مع حزب الله وجودهما العسكري في سوريا، خصوصًا جنوبها والقرب من الحدود الإسرائيلية، ما أثار قلقًا أمنيًا كبيرًا في تل أبيب. انسحابهم الجزئي أو احتمال هجرهم من المنطقة يشكل عنصرًا محسوبًا في استراتيجية الأمن الإسرائيلي.
3. دور الإدارة الأميركية الجديدة
o ترامب عقد لقاء مع الرئيس السوري الشرع في الرياض، ورفع العقوبات الأميركية عن سوريا.
o إدارة نتنياهو، التي لم تُخطر مسبقًا بحسب بعض المصادر، شعرت بمناورة استراتيجية تتطلب استغلال فرصة الوساطة
o توماس باراك، المبعوث الأميركي الخاص، زار دمشق أولاً ثم التقى نتنياهو؛ ما يؤشر إلى استعداد أميركي لإدارة الحوار.
4. الاعتدال النسبي لنظام الشرع
يصفه الإسرائيليون بأنه "أكثر مرونة" من أنظمة سابقة، ولا يخضع لتعليمات تركية مباشرة، بينما يظهر انفتاحه على التقارب مع واشنطن والرياض.
التوقعات المستقبلية
1. مفاوضات أمنية أولية
من المرجح أن تبدأ بمفاوضات تجديد اتفاقية فض الاشتباك وتحديد "الخطوط الحمراء": انتشار قوات أميركية، ونزع السلاح، ومنع النفوذ الإيراني والتركي في سوريا.
2. مرحلة تطبيع تدريجي
يمكن أن تنتقل بعد ذلك إلى ترتيبات أكثر جدّية تشمل رفع العقوبات وفتح مجالات دبلوماسية واقتصادية محدودة، ما قد يمهد لإقامة علاقات شبه رسمية لكن ذلك يتوقف على مكتسبات إسرائيل الأمنية وموافقة دمشق.
3. التحدي الأكبر: الجولان والشرعية الداخلية
مسألة مرتفعات الجولان ستكون العقبة الأهم. الاعتراف الأميركي بها ضمن السيادة الإسرائيلية منذ عهد ترامب، يجعلها النقطة الأصعب. أي تسوية تتعلق بالجولان بحاجة إلى مرونة كبيرة من إسرائيل وربما تنازلات قيادية من سوريا.
4. ردود فعل إقليمية ودولية
مشاركة وتحشيد الأتراك والإيرانيين لحلفائهم المحليين قد يعرقل الاتفاقات. كذلك، ضغوط من الصين وأوروبا حول الجولان أو العقوبات قد تضفي أبعادًا أوسع.
5. العامل الأميركي: تغيير الإدارة؟
أي تغيير في البيت الأبيض بعد ترامب–بايدن قد يؤثر بشكل كبير على تحفيز أو إحباط مساعي التطبيع.
التوقعات؟؟
• فرصة نادرة بعد 14 عامًا
هذه هي أول حافة حقيقية منذ 2011 لافتتاح حوار رسمي/غير رسمي بين الجانبين.
• مكاسب إسرائيل ليست سياسية فقط
نتنياهو يبدو مهتمًا بضمانات أمنية إضافية، بما في ذلك دور أميركي في الأراضي الحدودية.
• دهاء دمشق
قد يمكن لدمشق استغلال التراجع الأمريكي أو المتغيرات الإقليمية للحصول على تنازلات استراتيجية، حتى لو قلّصتها في البداية.
• هل نرى سلامًا شاملاً؟
سلام كامل يبدو بعيدًا في المدى القصير؛ لكن اتفاق أمني موسّع مع آليات تيسر تعزيز التعاون قد يكون ممكنًا خلال 6–12 شهرًا إذا توفرت الإرادة والضمانات.
المستقبل؟
• المستقبل القريب (6–12 شهراً):
احتمال توقيع اتفاق أمني فض الاشتباك محدث مع مراقبة دولية، مع رفع تدريجي للعقوبات كشكل من دعم الضمانات.
• المستقبل المتوسط (1–2 عاماً):
تطبيع اقتصادي وجزئي: تبادل دبلوماسي محدود، تعاون في مكافحة التهريب والإرهاب، ربما إعادة فتح مكتبي اتصال.
• المستقبل البعيد (>2 سنوات):
عودة القضية الجولانية إلى الواجهة. السلام الشامل مرهون بمفاوضات حول الجولان، وصدقية الضامن الأميركي تجاه دمشق وإسرائيل، وقدرة دمشق على صياغة اتفاق معترف به إقليمياً.