في ظلّ الإفراج عن مئات المعتقلين من عناصر الجيش السابق، تشهد الساحة السورية تصاعداً مقلقاً في وتيرة العنف، تغذّيه جماعات متشدّدة مستفيدة من هشاشة أمنيّة متزايدة تهدد بمزيد من التفكك المجتمعي.
وقد أثار المؤتمر الصحافي الذي عقده كل من عضو لجنة «السلم الأهلي» حسن صوفان، والمتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، عقب الإفراج عن نحو 300 عنصر سابق في الجيش، جدلاً واسعاً، لا سيما أنه جاء بالتوازي مع موجة عنف دامية ضربت وسط سوريا. وتبنّت جماعات متطرفة هذه الهجمات، معلنة إطلاق عمليات "انتقامية" تستهدف أقليات، وفي مقدمتها الطائفة العلوية، التي تتعرض لحملات تكفير علنية.
وسجّلت الأسابيع الأخيرة موجات جديدة من العنف، بدأت بمجازر السادس من آذار التي طالت مدنيين، بينهم نساء وأطفال، في مناطق الساحل السوري وحمص وحماة، لتتطور لاحقاً إلى عمليات اغتيال ميدانية وكمائن تستهدف مدنيين، نُفّذت بأساليب متخفية تنسب إلى "مجهولين"، دون أي ردّ فعل رسمي من السلطات.
وتجددت الهجمات مؤخراً في مدينة تلكلخ بريف حمص، حيث سقط قتلى وجرحى في هجمات وُصفت بأنها "انتقامية"، أعلن قائد الأمن الداخلي في المحافظة أنها نُفّذت بعد تحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى تواصل مع وجهاء المنطقة لاحتواء التصعيد.
في محاولة للحدّ من هذا المسار الدموي، أصدر مجلس الإفتاء السوري بياناً يحرّم "الثأر"، داعياً إلى اللجوء إلى المؤسسات الشرعية لاستيفاء الحقوق، إلا أن تأثير هذا النداء ظلّ محدوداً على الأرض، في ظلّ تنامي نفوذ الجماعات المتطرفة.
ومن أبرز هذه الجماعات، «سرايا أنصار السنّة» التي أعلنت تأسيسها في شباط الماضي، وأكدت استمرار عملياتها ضد "النصيرية والروافض"، متبنية عدداً من الهجمات في حمص وحماة. كما ظهرت جماعة أخرى تُدعى «أحرار الثورة السورية» في مدينة جبلة، تعهّدت بتوسيع نطاق عملياتها إلى مختلف المحافظات.
اللافت أن هذه الجماعات بدأت تركز عملياتها على الأشخاص الذين أُفرج عنهم مؤخراً، رغم تأكيدات رسمية بأنهم غير متورطين في جرائم دم. وقد تم اغتيال ستة من المفرج عنهم حتى الآن، من بينهم ضباط، ما يهدد حياة من ينتظرون الإفراج عنهم ويزيد الضغط على السلطات الانتقالية التي تواجه اختباراً صعباً أمام جماهيرها وعناصرها، في ظلّ استمرار صمتها حيال الانتهاكات.