تحوّلت المناسبات الاجتماعية في مدينة الحسكة، من لحظات فرح إلى مشاهد محفوفة بالخوف، بسبب تفاقم ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي. حفلات الزفاف والتخرج والنجاح، وحتى الولادة، باتت تُختَتم بسحب الزناد، وسط أحياء سكنية مكتظة، ما يعرّض حياة السكان للخطر ويثير حالة من القلق العام.
ورغم الإجراءات الأمنية التي تبذلها قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، عبر حملات مصادرة الأسلحة واعتقال عدد من المخالفين، إلا أنّ الظاهرة لا تزال تتكرر بشكل شبه يومي، بسبب الانتشار الواسع للسلاح بين المدنيين، وضعف ثقافة الوعي بخطورة إطلاق النار العشوائي.
صفحات التواصل الاجتماعي، لا سيما الفيسبوك، تلعب دوراً متنامياً في التبليغ عن هذه الحوادث، حيث يشارك المواطنون مقاطع فيديو، وأسماء مطلقي النار، وحتى أرقام سياراتهم. هذه المبادرات تلقى تفاعلاً واسعاً، لكنها لا تقابل غالباً بإجراءات ملموسة على الأرض، ما يزيد من مشاعر الإحباط لدى السكان.
وتكمن خطورة الرصاص الطائش في أنه لا يميز بين محتفل ومارٍّ في الطريق، أو طفل يلعب في الشارع. وتوثّق المدينة حالات متعددة لإصابات قاتلة أو مهددة للحياة جراء هذه الطلقات.
أحد الحوادث المؤلمة وقعت في حي تل حجر، حيث تعرّضت سيدة مسنّة للإصابة أثناء وقوفها أمام منزلها. أصيبت برصاصة في يدها اليمنى ناتجة عن احتفال بعيد في الحي. تطلبت حالتها تدخلاً جراحياً عاجلاً، ولا تزال تعاني حتى اليوم من آثار الإصابة، وسط تحذيرات طبية من فقدان دائم لوظائف اليد.
وفي حي العزيزية، لم يكن الفتى البالغ من العمر 17 عاماً يعلم أن ذهابه لشراء الخبز سيكون رحلته الأخيرة. فقد أصيب برصاصة قاتلة في الرأس أُطلقت خلال زفاف مجاور. ورغم نقله إلى المستشفى، فارق الحياة متأثراً بالنزيف، تاركاً خلفه عائلة مكلومة تسأل عن المساءلة والعدالة.
السكان في الحسكة يطالبون اليوم بوقفة حقيقية لمواجهة هذا الخطر المتنامي. دعوات متزايدة تُرفع لتشديد العقوبات على مطلقي النار في الأماكن العامة، وسنّ قوانين أكثر ردعاً للحد من هذه الممارسات. كما يحثّ المواطنون على دعم جهود التوعية المجتمعية، وتمكين صفحات المبادرات المحلية بالتعاون مع الجهات الأمنية لضمان أمن الأحياء.
وبات من الضروري التحرك الجاد لإنهاء ظاهرة الرصاص الطائش قبل أن تتحوّل المناسبات إلى ساحات مأساوية. فحق السكان في العيش بأمان لا يجب أن يكون رهناً بمزاج محتفل يحمل سلاحاً.