تصاعد الاغتيالات في إدلب

سامر الخطيب

2025.06.11 - 12:00
Facebook Share
طباعة

 تشهد محافظة إدلب شمال غربي سوريا منذ بداية عام 2025 تصاعدًا لافتًا في عمليات الاغتيال التي تستهدف شخصيات محسوبة على الفصائل الجهادية، سواء من القيادات السابقة أو العناصر النشطة. وتنوعت الأساليب بين ضربات جوية دقيقة بطائرات مسيرة وعمليات إطلاق نار من قبل مجهولين، ما يعكس مشهدًا معقدًا على المستويين الأمني والاستخباراتي.


في الأيام الأخيرة وحدها، وقعت ثلاثة اغتيالات منفصلة في ريف إدلب الشمالي، يعتقد أنها تمت بواسطة طائرات مسيّرة يرجّح وقوف "التحالف الدولي" وراءها. الحادثة الأولى جرت بعد استهداف دراجة نارية قرب بلدة الدانا، ما أسفر عن مقتل شخصين. وفي حادثة لاحقة، تعرضت سيارة مدنية لضربة مماثلة قرب تجمع الكرامة، وأدى ذلك إلى مقتل راكبها واحتراق المركبة بالكامل.


وجاءت هذه التطورات بعد أقل من 48 ساعة على مقتل شخصية عراقية تُدعى "أبو عائشة العراقي" في ريف إدلب الغربي، حيث أطلق مسلحان النار عليه أثناء مروره في قرية عزمارين، ولاذا بالفرار. وسبق هذه العملية اغتيالات مشابهة، من بينها مقتل "أبو خالد العراقي السامرائي" في مارس الماضي، الذي تنقل بين فصائل عدة، وكان آخر ظهور له في منصب إداري داخل "هيئة تحرير الشام".


كما شهد شهر فبراير عملية اغتيال "جعفر التركي" قرب بلدة كللي شمال إدلب، وهو من الشخصيات التي تنقلت بين عدة فصائل جهادية وكان يعمل مدربًا عسكريًا. في اليوم ذاته، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية مسؤوليتها عن تنفيذ ضربة دقيقة شمال غرب سوريا أسفرت عن مقتل "وسيم بيرقدار"، أحد القادة السابقين في تنظيم "حراس الدين"، والذي كان قد غادر العمل العسكري لاحقًا واتجه إلى نشاطات مدنية.


ولا تقتصر الاستهدافات على الضربات الجوية، فقد تم تنفيذ عدة عمليات اغتيال بأسلحة نارية من قبل مجهولين، بأسلوب يُظهر دقة في التنفيذ وغالبًا ما يتم دون إعلان أي جهة مسؤوليتها، ما يزيد من حالة الغموض والقلق في المنطقة.


المشهد العام في إدلب يشير إلى تصاعد الحضور الاستخباراتي، حيث تُنفذ عمليات اغتيال ممنهجة ودقيقة، يُعتقد أنها تعتمد على معلومات محلية مُسربة، ما يُرجح وجود اختراقات أمنية داخلية تُسهّل من رصد الأهداف وتحركاتها.


وتبقى هوية المنفذين ودوافع الجهات الفاعلة خلف هذه العمليات محل جدل واسع، إذ يرى مراقبون أن جزءًا من هذه الاغتيالات يهدف إلى تصفية الحسابات القديمة بين فصائل المعارضة الجهادية، بينما قد تسعى أطراف دولية إلى تحجيم نفوذ بعض الشخصيات ذات الخلفيات المتشددة أو التي تُمثل تهديدًا مستقبليًا محتملاً في إطار جهود "مكافحة الإرهاب".


في ظل هذا التصعيد، تتزايد المخاوف من موجة اغتيالات أوسع قد تشمل مناطق جديدة في شمال غربي سوريا، في وقت تشهد فيه إدلب حالة من الهشاشة الأمنية والتجاذبات بين الفصائل.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8