شهدت منطقتا مخيم اليرموك ومحيطه جنوب العاصمة السورية دمشق مؤخرًا موجة من الغضب الشعبي إثر أعمال تخريب واسعة طالت مقابر رمزية، أبرزها "مقبرة الشهداء" و"مقبرة المغاربة"، في حادثة وُصفت بأنها انتهاك صارخ للذاكرة الجماعية للفلسطينيين في الشتات.
وتُظهر مشاهد موثقة تدميرًا متعمدًا طال عددًا من القبور، من بينها شواهد تعود لشخصيات بارزة في التاريخ الفلسطيني المعاصر. وتبيّن الصور والفيديوهات المنتشرة حجم الأضرار التي لحقت بالمقبرتين، حيث ظهرت القبور وقد تحطمت شواهدها وتعرضت لعمليات تكسير وتخريب.
بحسب مصادر محلية، دخل مجهولون إلى المقبرتين في ساعات متأخرة من الليل، ونفذوا أعمال التدمير دون أن يُعرف حتى الآن من يقف وراء هذه الاعتداءات أو دوافعها. كما لم يصدر أي تصريح رسمي عن الجهات المعنية في سوريا لتوضيح ما جرى أو الإعلان عن فتح تحقيق في الواقعة.
أثارت هذه الحادثة استنكارًا واسعًا في أوساط اللاجئين الفلسطينيين والسكان المحليين، لما تحمله هذه المقابر من رمزية سياسية وتاريخية كبيرة، إذ تضم رفات شخصيات لعبت أدوارًا مؤثرة في نضال الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية. ويُنظر إلى "مقبرة الشهداء" تحديدًا باعتبارها معلمًا يحمل دلالات تتعلق بتاريخ المقاومة الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة.
واعتبر كثيرون أن هذا التخريب يُشكّل سابقة خطيرة تطال أماكن ذات طابع رمزي، خاصة في ظل غياب أي حماية أمنية أو إجراءات رقابية من شأنها صون هذه المواقع. كما أعربت العديد من الأصوات عن خشيتها من تكرار مثل هذه الحوادث في ظل ما وصفوه بـ"الصمت الرسمي المقلق".
وطالبت شخصيات ومؤسسات فلسطينية وسورية بضرورة فتح تحقيق نزيه ومستقل لتحديد هوية الفاعلين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الأعمال، إلى جانب تأهيل المقابر المتضررة والحفاظ على سلامة الرموز التاريخية الموجودة فيها.
كما دعا نشطاء ومهتمون بالشأن الفلسطيني إلى توثيق الأضرار التي لحقت بهذه المقابر بدقة، واتخاذ إجراءات جدية لحمايتها، لما تمثله من إرث معنوي وتاريخي للأجيال القادمة.
الحادثة، وإن لم تسفر عن خسائر بشرية، إلا أنها أعادت إلى الواجهة حالة التهميش التي تعاني منها مناطق الفلسطينيين في الشتات، وأثارت تساؤلات حول مستقبل الحفاظ على ذاكرتهم الجمعية ورموزهم التاريخية في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة.
وبينما يواصل الأهالي ترميم الأضرار وسط إمكانات محدودة، تبقى الأنظار معلقة على موقف رسمي قد يُنهي حالة الغموض ويضع حدًا لتكرار مثل هذه الانتهاكات.