القلق الأمني يفرغ مصايف حمص من زوّارها

سامر الخطيب

2025.06.02 - 11:20
Facebook Share
طباعة

 تشهد محافظة حمص ومصايفها الشهيرة في الكفرون ومشتى الحلو والحواش تراجعاً كبيراً في الحركة السياحية هذا العام، في مشهد غير معتاد لطالما شكل علامة فارقة في صيف السوريين. فالمناطق الجبلية التي كانت تعج بالزوار المحليين والمصطافين من باقي المحافظات باتت اليوم شبه خالية، وسط أجواء من القلق والحذر، يعكسها الواقع الأمني والسياسي المتوتر في البلاد.


رغم الطبيعة الخلابة والمناخ المعتدل الذي يميز مصايف ريف حمص الغربي، فإن الحركة السياحية توقفت تقريباً. المطاعم والمقاهي فارغة، المرافق الترفيهية مغلقة أو تعمل بحدها الأدنى، وأصحاب المنشآت السياحية يواجهون صيفاً استثنائياً في سكونه القاتل.


العزوف عن الاصطياف لا يعود إلى حادثة بعينها، بل إلى حالة عامة من الخوف من المجهول. الأحاديث الدائرة في الشارع المحلي تتحدث عن قلق واسع من تدهور أمني محتمل، بعد تغييرات سياسية مفصلية شهدتها البلاد في الأشهر الماضية. هذا الترقب المتوتر، مقروناً بإشاعات وتحذيرات غير رسمية، ساهم في ترسيخ انطباع لدى الناس بأن المصايف الجبلية لم تعد آمنة كما كانت.


في المقابل، يحاول أصحاب المشاريع السياحية التكيف مع الواقع. بعضهم قرر التوقف المؤقت عن العمل، بينما يراهن آخرون على تحسّن الأوضاع في النصف الثاني من الصيف. هناك من لجأ لتقليص العمالة والتكاليف، وهناك من يحاول استقطاب زبائن محليين من قرى مجاورة، لكنّ النتائج تبقى محدودة.


الركود السياحي لم يقتصر على مصايف الجبال، بل طال أيضاً الشواطئ السورية، خصوصاً في محافظة طرطوس. الشواطئ التي كانت قبلة للعائلات السورية باتت تعاني من الإهمال، حيث تكدست القمامة وانتشرت الأعشاب البحرية بشكل لافت، ما زاد من نفور الناس من ارتيادها.


هذا التراجع الكبير في النشاط السياحي ينعكس اقتصادياً على شريحة واسعة من العاملين في هذا القطاع، الذي يعتمد عليه الكثيرون في تأمين لقمة العيش، خاصة في فصل الصيف. أصحاب الفنادق والمطاعم ومراكز الترفيه يواجهون اليوم تحدياً كبيراً قد لا يقتصر أثره على موسم واحد، بل يمتد ليهدد استمرارية هذه المشاريع في المستقبل القريب.


وسط هذا المشهد القاتم، اتجه بعض الأهالي إلى البحث عن بدائل ترفيهية قريبة وآمنة، مثل أطراف مدينة حمص وحي الوعر، الذي يوفر متنفساً طبيعياً في ظل حرارة الصيف المرتفعة. لكن تبقى هذه المحاولات الفردية بعيدة عن تعويض النقص الكبير في الموسم السياحي العام.


وبين الواقع الأمني غير المستقر والتردي الخدمي والبيئي في المواقع السياحية، تبدو صورة السياحة في حمص هذا العام شاحبة، بانتظار إشارات تهدئة حقيقية قد تعيد الحياة إلى المصايف التي لطالما كانت ملاذاً لسكان الداخل السوري.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2