رغم انخفاض حدة العمليات العسكرية في بعض المناطق السورية خلال شهر أيار 2025، إلا أن النزاع المسلح والانفلات الأمني لا يزالان يحصدان الأرواح بشكل يومي. فقد شهد الشهر مقتل 428 شخصاً في أنحاء متفرقة من سوريا، بينهم 295 مدنياً، ما يعكس استمرار حالة التدهور الأمني وتراجع تأثير الهدن المعلنة على حياة المدنيين.
تشير الحصيلة إلى أن المدنيين شكلوا أكثر من ثلثي الضحايا، بينهم 49 طفلاً و19 امرأة، في مؤشر خطير على اتساع رقعة الاستهداف العشوائي وغياب الإجراءات الكفيلة بحمايتهم. كما سجلت البلاد أرقاماً مرتفعة في حالات الإعدام الميداني وجرائم القتل الفردي والانفجارات الناتجة عن مخلفات الحرب.
فوضى أمنية وموت متنوع الأسباب
توزعت أسباب القتل بين رصاص عشوائي واقتتال داخلي، انفجارات ألغام وعبوات ناسفة، إعدامات ميدانية، جرائم فردية، وحتى ضحايا تحت التعذيب في مراكز احتجاز تابعة لأطراف متعددة. أكثر من 50 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال، سقطوا بسبب مخلفات الحرب، في مناطق لا تزال تفتقر لأي جهود فعلية لتطهيرها من أدوات الموت.
كذلك، قُتل العشرات برصاص مجهولين، في ظل انفلات أمني متصاعد خاصة في مناطق النزاع، ما يعكس تصاعد أعمال التصفية الفردية أو الجماعية في ظروف غامضة. كما سجلت حوادث قتل داخل مناطق السيطرة الرسمية وغير الرسمية، ما يُبرز ضعف آليات المحاسبة القانونية أو غيابها تماماً.
خسائر بشرية في صفوف القوى المسلحة
أما القتلى من غير المدنيين فبلغ عددهم 133 شخصاً، ينتمون لفصائل وكيانات عسكرية مختلفة، منها مجموعات محلية، وقوات تابعة للإدارة الذاتية، إضافة لعناصر من تنظيم الدولة وتنظيمات جهادية أخرى. يوضح ذلك استمرار حالة الاشتباك العسكري والسياسي بين القوى المتنازعة، والتي وإن قلّت وتيرتها، لم تتوقف بشكل كامل.
الهدن الهشة وحقيقة الواقع
رغم ما يُشاع عن وجود “استقرار نسبي” في بعض الجبهات، إلا أن الأرقام تؤكد أن ما يسمى بـ “وقف إطلاق النار” لا ينعكس بشكل فعلي على حياة الناس. فالمجتمع المدني، خاصة في المناطق الخارجة عن السيطرة المستقرة، لا يزال يدفع الثمن الأكبر، وسط غياب العدالة والمحاسبة، واستمرار تفكك مؤسسات الدولة، وعجز الجهات المحلية عن توفير الحماية.