عودة رموز متطرفة تثير مخاوف أمنية في دمشق

سامر الخطيب

2025.06.01 - 11:22
Facebook Share
طباعة

 في الوقت الذي تؤكد فيه الدولة السورية التزامها بمحاربة الإرهاب والتطرف، يلاحظ تصاعد مقلق في مظاهر مرتبطة بتنظيم "الدولة الإسلامية" داخل بعض المناطق السورية، خصوصاً في الأسواق العامة ومحلات بيع الأسلحة، حيث تُعرض وتُباع رايات وشعارات التنظيم المعروفة دون تدخل واضح من الجهات المعنية.


الراية السوداء المعروفة بـ"العقاب"، والتي تعد أحد أبرز الرموز البصرية للتنظيم، باتت تظهر في أماكن عامة، ما يثير أسئلة مشروعة حول مدى جدية الرقابة والضوابط المفروضة على مظاهر التشدد. إذ تعتبر هذه الراية في الأوساط الدولية مؤشراً على التحريض والعنف، وقد ارتبطت في السنوات الماضية بعمليات دموية نفذها التنظيم في سوريا والعراق ودول أخرى.


الظهور العلني لهذه الرموز لا يأتي في فراغ، بل يتزامن مع أنشطة عسكرية متجددة للتنظيم، كان آخرها إعلان مسؤوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الجيش السوري في منطقة تلول الصفا بريف السويداء، عبر عبوة ناسفة أوقعت قتلى وجرحى. ورغم أن التنظيم نفذ عمليات متفرقة في البادية السورية خلال الأشهر الماضية، إلا أن استهدافه لقوات الجيش بشكل مباشر يعكس تصعيداً نوعياً في تحركاته، وربما مؤشراً على إعادة هيكلة أو تغيير في أولويات الاستهداف.


ما يزيد من حساسية الوضع أن هذه التحركات تجري في بيئة منهكة اقتصاديًا ومجتمعيًا، حيث يعاني السكان من ضغوط معيشية خانقة، وغياب شبه كلي للخدمات والبنى التحتية، مما قد يجعل بعض الفئات أكثر عرضة للتأثر بالدعايات المتطرفة أو الوقوع في فخ التجنيد.


القلق لا يقتصر على الجوانب الأمنية المباشرة، بل يمتد إلى المستوى الرمزي والثقافي، إذ إن التساهل مع رموز تحريضية من هذا النوع قد يسهم مع مرور الوقت في تطبيع خطاب الكراهية والتشدد، خصوصاً في أوساط الشباب. وتاريخ التنظيم حافل باستخدام هذه الرموز كوسائل تجنيد وترويج، أكثر من كونها مجرد شعارات أو رايات عادية.


اللافت في المشهد أن غياب الردع لا يرتبط فقط بالعجز الأمني، بل يُقرأ أيضاً كإشارة إلى ثغرات في السياسات الإعلامية والدينية والتعليمية، التي يفترض أن تكون خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف، سواء من خلال خطاب مضاد أو توعية مجتمعية فعالة.


التحرك المطلوب في هذه المرحلة لا يقتصر على الملاحقة الأمنية للعناصر المتطرفة، بل يتطلب نهجًا شاملاً يتضمن مراقبة المجال العام، ومنع الترويج لأفكار التنظيم ولو بوسائل غير مباشرة، وإعادة بناء ثقة المجتمع في قدرة الدولة على حماية أمنه الرمزي كما المادي.


ووسط هذا المشهد المعقد، يبقى التحدي الأساسي هو عدم السماح بتحول تلك الرموز من مجرد مظاهر عابرة إلى مؤشرات على عودة أوسع للفكر المتطرف، في ظل مناخ إقليمي هش وتحولات داخلية لم تُحسم بعد.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 5