السلاح المنفلت يقتل مدنيين كل يوم في سوريا

سامر الخطيب

2025.06.01 - 10:49
Facebook Share
طباعة

 شهد شهر أيار تصاعدًا مقلقًا في أعداد ضحايا الرصاص الطائش والحوادث الناتجة عن العبث بالسلاح والانفجارات العرضية في سوريا، حيث أُزهقت أرواح 32 مدنيًا، بينهم 14 طفلًا و6 سيدات، كما أُصيب 21 آخرون بجروح متفاوتة في مختلف المناطق السورية. وتبرز هذه الحصيلة الدامية كنتاج مباشر للفوضى الأمنية، وتراخي الجهات المسيطرة في ضبط السلاح والحد من انتشاره العشوائي.


توزعت الخسائر البشرية على ثلاث مناطق رئيسية، حيث سُجّلت النسبة الأعلى في مناطق سيطرة الحكومة السورية بواقع 22 وفاة، تليها مناطق الإدارة الذاتية بثماني حالات، ومناطق الفصائل العسكرية المعارضة بحالتين. ورغم اختلاف الجهات المسيطرة، فإن القاسم المشترك بينها جميعًا هو الإهمال المتكرر في ضبط استخدام السلاح داخل الأحياء السكنية والأسواق، ما أدى إلى تزايد الحوادث غير المقصودة.


ضحايا بلا مبرر: مآسٍ يومية ناتجة عن الإهمال
من أبرز الحوادث التي شهدها الشهر، مقتل أطفال بطلقات خرجت من أسلحة وهم يلهون بها داخل منازلهم، أو جراء عبث أحد أفراد الأسرة بسلاح ناري دون احتياطات أمان. كما أزهقت أرواح مدنيين خلال الاحتفالات أو النزاعات العشائرية عبر إطلاق نار عشوائي، ما أدى لسقوط ضحايا أبرياء، كثير منهم نساء وأطفال كانوا في أماكن عامة أو داخل منازلهم.


العديد من الحوادث المؤلمة وقعت نتيجة الانفجارات العرضية لقنابل يدوية أو ذخائر متبقية من النزاعات السابقة، جرى العبث بها أو بيعها في الأسواق باعتبارها "خردة". وفي إحدى الحالات، أدى انفجار قذيفة أثناء محاولة تفكيكها إلى إصابة شخصين، فيما شهدت مدينة الحسكة وحدها أكثر من خمس إصابات بطلقات عشوائية خلال أسبوع واحد فقط.


الرصاص في زمن الاحتفال
الاحتفالات برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا شكلت لحظة فرح عند البعض، لكنها تحولت إلى مأساة لدى آخرين، حيث سجلت عدة حالات وفاة وإصابات جراء إطلاق نار كثيف عشوائي خلال هذه الفعاليات، لا سيما في مدن إدلب وجبلة ودرعا. وفي بعضها، توفيت أم وولدها معًا نتيجة رصاصة طائشة خلال الاحتفالات، ما يعكس هشاشة الوضع الأمني واستهتار البعض بقيمة حياة الآخرين.


البيئة السكنية.. ساحة للموت المجاني
البيوت، الأسواق، الشوارع، وحتى ساحات اللعب، لم تكن آمنة هذا الشهر. من دمشق إلى الرقة، ومن درعا إلى الحسكة، تتكرر الحوادث بنفس التفاصيل المؤلمة: طفل يعبث بسلاح والده، شاب ينظف بندقيته فتخرج رصاصة، رجل يقتني قنبلة في منزله تنفجر فجأة، أو احتفال ينقلب إلى مأتم. كل هذه الوقائع تؤكد أن السلاح بات جزءًا من الحياة اليومية للمدنيين، لكن دون أي شكل من أشكال الضبط أو التوعية أو المحاسبة.


تحليل الوضع: ما وراء الأرقام؟
رغم الاختلافات الجغرافية والسياسية بين المناطق، فإن حجم الحوادث المتشابه يوحي بغياب الإرادة الجدية لدى جميع الجهات للحد من هذه الظاهرة. في ظل انتشار السلاح الفردي بشكل واسع، وغياب سياسات تنظيم اقتنائه أو استخدامه، يجد المدنيون أنفسهم في قلب دائرة خطر دائمة. كما أن ضعف البنية الأمنية وانعدام برامج التوعية بمخاطر السلاح، ساهم بشكل كبير في تفاقم الوضع.


وإذا استمر هذا التراخي، فإن أرقام الضحايا مرشحة للارتفاع في الشهور المقبلة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات ملموسة، تشمل سن قوانين تحدّ من انتشار السلاح، وتجريم إطلاق النار العشوائي، وتكثيف الرقابة الأمنية في الأحياء السكنية والأسواق.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7