إعدامات بعد تمثيل مجزرة الحولة

سامر الخطيب

2025.05.25 - 11:36
Facebook Share
طباعة

 نفّذت السلطات المحلية في ريف حمص حكم الإعدام بحق خمسة أشخاص متهمين بالمشاركة في مجزرة الحولة التي وقعت عام 2012، والتي أودت بحياة عشرات المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، عبر عمليات قتل ميداني أثارت آنذاك غضبًا محليًا ودوليًا واسعًا.


وبحسب ما تسرّب من معلومات، فإن تنفيذ حكم الإعدام تم يوم الجمعة، داخل مبنى "أمن الدولة" السابق، في خطوة وُصفت بأنها جاءت استجابةً لمطالب شعبية وضغوط مجتمعية طالبت منذ فترة طويلة بمحاسبة المتورطين في تلك الجريمة.


المتهمون الخمسة ينحدرون من القرى المجاورة لبلدة تلدو، الواقعة ضمن منطقة الحولة شمال غرب محافظة حمص. وقد تم اعتقالهم يوم الخميس الموافق 22 أيار، قبل أن يُنقلوا في اليوم التالي إلى مكان وقوع المجزرة، حيث جرى إجبارهم على إعادة تمثيل ما ارتكبوه، وسط حضور شعبي واسع من أبناء المنطقة.


تمثيل الجريمة في موقعها الأصلي اعتُبر رسالة رمزية تهدف إلى استعادة الذاكرة الجمعية، وتأكيد أن الجرائم لا تسقط بالتقادم. غير أن هذا الإجراء، الذي سبق تنفيذ أحكام الإعدام، أثار انقسامًا في الرأي العام بين من اعتبره خطوة لكشف الحقائق، ومن رأى فيه مساسًا بمبدأ العدالة، نظراً لطبيعته الاستعراضية.


وكانت مجزرة الحولة قد شكّلت واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها سوريا في السنوات الأولى من الحرب، إذ تم إعدام عائلات بأكملها رمياً بالرصاص داخل منازلهم، ما خلّف صدمة عميقة في وجدان السوريين، وفتح الباب لتوثيق دولي مكثّف بشأن ما جرى.


مصادر من المنطقة أفادت بأن الأهالي هدّدوا مؤخراً بتنظيم احتجاجات واسعة في حال لم تُحاسب الشخصيات المتورطة في المجزرة، وهو ما عجّل في عملية الاعتقال والتنفيذ، خصوصًا في ظل تحوّل المناخ العام بعد تغيّر السلطة السياسية في البلاد.


وتأتي هذه الإعدامات في سياق عام يشهد تصاعدًا في الدعوات المحلية إلى المحاسبة وملاحقة المتورطين في الجرائم الكبرى، التي طويت لسنوات بفعل غياب المؤسسات القضائية الفاعلة، واستمرار النفوذ الأمني.


ومع بدء مرحلة جديدة في سوريا، يرى كثيرون أن محاسبة الجناة – أياً كانت انتماءاتهم – يجب أن تتم ضمن مسارات قانونية واضحة، تضمن العدالة من دون أن تتحوّل إلى أدوات انتقام، وتحمي في الوقت نفسه ذاكرة الضحايا، وتمنع تكرار المآسي.


الجدير بالذكر أن هذه القضية قد تفتح المجال أمام قضايا مماثلة في مناطق أخرى، حيث ما تزال ملفات جرائم الحرب والقتل الجماعي عالقة دون مساءلة، ما يضع الحكومة الانتقالية أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها في بناء دولة قائمة على القانون والعدالة الانتقالية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4