في أول تحرك ميداني لها منذ توليها السلطة، أجرت الحكومة السورية الانتقالية زيارة رسمية إلى مخيم الهول في ريف الحسكة الشرقي، برفقة وفد من قوات التحالف الدولي، لبحث أوضاع آلاف السوريين القاطنين في المخيم، وفتح نقاش جاد حول آليات إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.
ضم الوفد ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية، ومسؤولين أمنيين مختصين بملف مكافحة الإرهاب، إلى جانب شخصيات قانونية تعمل ضمن الهيكل الحكومي الجديد. وتم خلال الزيارة عقد اجتماع مغلق مع ممثلين عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وإدارة المخيم، ناقش فيه الطرفان سبل التعاون المشترك لتنظيم عمليات إعادة السوريين إلى مناطقهم وفق إطار قانوني وأمني واضح.
ويُنظر إلى هذه الزيارة باعتبارها أولى الخطوات الفعلية التي تتخذها الحكومة الجديدة للتعاطي مع الملفات الشائكة التي خلفها النظام السابق، وعلى رأسها ملف مخيم الهول، الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى بؤرة إنسانية وأمنية معقدة، تضم أكثر من 50 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، بعضهم من عائلات مرتبطة بتنظيم "داعش".
المخيم الذي يقع في منطقة خاضعة لسيطرة "قسد"، يعاني من ظروف معيشية متدهورة، وانتشار الجريمة، والتطرف، في ظل تأخر واضح في معالجته من قبل الحكومات السابقة، التي اكتفت بالمواقف السياسية دون أي تحرك عملي.
وتأتي زيارة وفد الحكومة السورية الحالية ضمن خطة أوسع تنتهجها الإدارة الجديدة، وتركز على تفكيك البؤر الأمنية الساخنة، وإعادة بناء الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بدءًا من معالجة القضايا التي تمس حياة المدنيين بشكل مباشر، خصوصًا النساء والأطفال الموجودين في المخيمات.
وفي سياق متصل، شهدت الأسابيع الماضية تحركات دولية لإجلاء عدد من رعايا الدول الأجنبية من المخيمات. فقد استلم وفد ألماني في الثاني من أيار سيدة وأربعة أطفال من حملة الجنسية الألمانية من مخيم روج، كما سلّمت "الإدارة الذاتية" في السابع عشر من نيسان امرأة بريطانية وثلاثة من أطفالها إلى وفد رسمي بريطاني.
ويُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة سلسلة من الاجتماعات والزيارات الميدانية المشابهة، في ظل رغبة الحكومة السورية الجديدة في إثبات جديتها بالتعاطي مع الملفات المعقدة، وإعادة ترتيب المشهد الإنساني والأمني بما يتماشى مع تطلعات المرحلة الانتقالية.