تفتيش الهواتف... ممارسات مقلقة بلا غطاء قانوني

سامر الخطيب

2025.05.25 - 11:23
Facebook Share
طباعة

 في ظل الأوضاع الأمنية الهشّة التي تعيشها بعض المناطق السورية، تزايدت شكاوى المواطنين من تعرضهم لتفتيش هواتفهم المحمولة من قبل عناصر أمنية على الحواجز في مناطق متفرقة من الساحل السوري، دون وجود مسوغات قانونية أو إذن قضائي يبرر ذلك.


وبحسب شهادات متقاطعة من مدنيين في عدة قرى وبلدات، فإن بعض هذه الحواجز تطلب من المارة، خصوصًا الشبان، فتح هواتفهم وتسليمها للعناصر الأمنية بهدف تفحص محتواها. هذه الممارسات، وإن لم تصبح بعد سياسة عامة، إلا أن تكرارها في أكثر من نقطة تفتيش وبطريقة مشابهة يثير مخاوف حقيقية لدى السكان من تحوّلها إلى نهج رقابي غير رسمي.


يشير أهالي إلى أن عمليات التفتيش هذه تتم في أوقات متباينة، وأحيانًا بشكل مفاجئ، دون أي إشعار أو تبرير مسبق، ما يترك انطباعًا بأن هذه الإجراءات تهدف إلى فرض نوع من الرقابة والضغط النفسي على الأفراد، لا سيما في ظل ما يصفه بعضهم بانعدام آليات الشكوى أو المساءلة.


ويعبّر مواطنون عن خشيتهم من أن تتحول هواتفهم إلى أداة قد تُستخدم ضدهم، في ظل عدم وجود تعريف واضح لما يعتبر "مخالفًا"، خاصة في بيئة مشبعة بالحساسيات السياسية والاجتماعية. فالتفتيش غير المبرر لمحتويات الهواتف قد يشمل صورًا خاصة أو محادثات شخصية أو حتى تطبيقات شائعة، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا للخصوصية.


هذه الممارسات، وإن لم تكن شاملة لكل الحواجز أو العناصر، إلا أن غياب ردع قانوني واضح يفتح الباب أمام تكرارها، ويقوّض الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية. حيث يرى مراقبون أن مثل هذه السلوكيات تهدد الحياة المدنية، وتعيد إنتاج مناخات الخوف والانضباط القسري، حتى في المناطق التي يُفترض أن يسودها نوع من الاستقرار الاجتماعي.


المطالبة بضبط هذه التصرفات لا تعني رفض الإجراءات الأمنية التي تضمن سلامة المجتمع، بل التشديد على ضرورة التزامها بالقانون، بحيث لا تُمارس إلا وفق ضوابط واضحة وضمن حدود الصلاحيات المخولة. فاحترام الخصوصية الفردية هو أساس العلاقة بين الدولة والمواطن، وتجاوزه يضعف أسس التعايش ويؤسس لفقدان الثقة.


في ظل هذا الواقع، تبقى الحاجة ملحة لوضع تعليمات مركزية واضحة للعناصر الأمنية على الحواجز، تحظر تفتيش الهواتف إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد استصدار أذونات قضائية رسمية، بما يحفظ كرامة الأفراد ويصون حرياتهم في الفضاءين الرقمي والشخصي على حد سواء.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 10