خطر الخطف يلاحق السوريين

سامر الخطيب

2025.05.25 - 11:13
Facebook Share
طباعة

تشهد محافظات سورية عدة، في مقدمتها طرطوس وحمص وحماة، تصاعداً لافتاً في وتيرة حوادث الخطف والاعتداءات المسلحة، ما أثار موجة قلق واسعة في أوساط الأهالي، في ظل غياب الإجراءات الأمنية الرادعة، وتراجع الثقة بقدرة الأجهزة المحلية على ضبط الأمن ومحاسبة المتورطين.


في محافظة طرطوس، عادت فتاتان إلى أسرتهما بعد أكثر من شهرين على اختطافهما مع شقيقهما من قبل مسلحين مجهولين. وتم تسليمهما عبر طرف وسيط دون الكشف عن مصير شقيقهما، الذي لا تزال العائلة تجهل مكان وجوده، وسط مخاوف من أن يكون قد تعرّض للتصفية. وأشارت عائلة الفتاتين إلى أن عودتهما جاءت بعد وساطة غير معلنة، وأنهما بدتا مختلفتين في تصرفاتهما وسلوكهما بعد العودة، دون تقديم تفاصيل إضافية حول ظروف احتجازهما أو طبيعة الجهة الخاطفة.


في سياق متصل، أثارت حادثة اختطاف الشيخ صالح سعود، نائب إمام مسجد علي بن أبي طالب في حي الجامع بمدينة طرطوس، موجة استياء عارمة. الشيخ سعود، المعروف بنشاطه في تعزيز السلم الأهلي والتقارب بين الطوائف، تعرض للاعتقال من قبل جهة لم تُعرف هويتها بعد، ووسط غياب أي مذكرة توقيف رسمية بحقه. وجه الأهالي أصابع الاتهام إلى شخص من قرية البرانية، وسط دعوات واسعة لوقف الاعتقالات التعسفية والممارسات الخارجة عن القانون. وقد عبّرت جهات دينية واجتماعية عن قلقها من أن استهداف شخصيات معتدلة وفاعلة في المصالحة الوطنية، مثل الشيخ سعود، يمكن أن يُفاقم التوترات الطائفية ويفتح الباب أمام ردود فعل تهدد الاستقرار المحلي.


أما في ريف حمص، فقد اختُطف شاب يعمل موزعاً للخبز أثناء قيامه بجولته اليومية في قرية سكرة والمناطق المحيطة بها. وأفاد مقربون من العائلة بأن الخاطفين تواصلوا معهم مطالبين بفدية ضخمة بلغت 70 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه. هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في المنطقة، حيث تكررت عمليات الخطف مؤخراً، وكان معظمها بدوافع مادية، ما زاد من مخاوف السكان، خصوصاً في ظل عدم توفر حماية فعلية أو استجابة عاجلة من الجهات المعنية.


وفي ريف حماة الغربي، نجت فتاة من محاولة اختطاف، بعد أن أقدمت على رمي نفسها من سيارة كانت تُقلّها قسراً، لتلجأ إلى إحدى قرى المنطقة المجاورة، حيث تم تقديم المساعدة لها من قبل الأهالي. وتفيد المعلومات بأن الجهة الخاطفة كانت على علم مسبق بالضحية وظروف عائلتها، ما يثير شكوكا حول وجود تعاون داخلي في الحادثة. وتُعتبر هذه المحاولة واحدة من عدة حوادث مشابهة وقعت في الآونة الأخيرة، ما زاد من شعور الأهالي بالتهديد، خصوصاً أن معظم الضحايا من النساء والأطفال.


تُظهر هذه الحوادث، بمختلف تفاصيلها، مدى هشاشة الوضع الأمني في مناطق واسعة من سوريا، وتراجع فعالية المؤسسات المسؤولة عن فرض القانون. ويطالب الأهالي بتكثيف الإجراءات الأمنية، وتشديد الرقابة، وتفعيل المساءلة القانونية، للحد من تفاقم الجرائم، واستعادة الشعور بالأمان في مجتمعاتهم.


ويبدو أن استشراء هذه الظاهرة لن يتوقف ما لم تكن هناك خطوات حقيقية وجادة، تبدأ بإرادة واضحة من الجهات الرسمية، وتنتهي بمحاسبة صارمة لكل من يثبت تورطه، سواء من الفاعلين أو المتواطئين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8