يواجه عدد متزايد من المواطنين السوريين تهديدات جدية بالحجز على ممتلكاتهم، بعد أن توقفوا عن سداد أقساط قروض حصلوا عليها سابقًا خلال فترة عملهم في مؤسسات الدولة. فهؤلاء المقترضون، الذين كانت تُقتطع أقساطهم مباشرة من رواتبهم بموجب اتفاقيات بين المصارف وجهاتهم الوظيفية، وجدوا أنفسهم اليوم أمام تهديدات قانونية بعد فقدانهم لوظائفهم أو توقف رواتبهم، دون وجود أي حلول بديلة.
تعود هذه القروض في غالبيتها إلى موظفين حكوميين، كانوا يحصلون على التمويل بضمان رواتبهم الشهرية، في صيغة اعتمدت على الاقتطاع المباشر لتقليل مخاطر التعثر. ولكن مع حملات الفصل الجماعي التي طالت آلاف العاملين في مؤسسات الدولة خلال السنوات الماضية، سواء لأسباب إدارية أو سياسية أو نتيجة تدهور الوضع العام، توقفت رواتب هؤلاء بشكل كامل، ما جعلهم عاجزين عن الوفاء بالتزاماتهم المالية.
وما فاقم الأزمة هو غياب أي تدخل من المصارف لإعادة جدولة القروض أو النظر في أوضاع المقترضين الجدد، حيث اكتفى العديد منها بتوجيه إنذارات خطية بضرورة التسديد، مترافقة مع تهديدات صريحة باتخاذ إجراءات قانونية تصل إلى حد الحجز على العقارات أو المنقولات، دون مراعاة للظروف الخارجة عن إرادة المقترضين.
يرى كثير من المتضررين أن هذه الإجراءات تعكس خللاً كبيرًا في منظومة الإقراض والضمانات، حيث لا تزال المصارف تتعامل معهم كما لو كانوا موظفين نشطين يتقاضون رواتبهم بانتظام. وهم يؤكدون أنهم لم يتخلفوا طواعية عن السداد، بل أُجبروا على ذلك بعد أن سُلب منهم مصدر دخلهم الوحيد، دون تعويض أو خطة طوارئ من الدولة أو المؤسسات المعنية.
وتُطرح في هذا السياق تساؤلات حقيقية حول الدور الذي يجب أن تلعبه الجهات الرسمية في مثل هذه الحالات، خاصة أن العقود الموقعة بين المصارف والموظفين كانت تتم بموجب توصيات أو تشجيع من الجهات الحكومية ذاتها، التي باتت تتنصل من مسؤولياتها بعد أن غادر الموظفون مواقعهم، سواء بالإعفاء أو التوقيف المؤقت أو الدائم.
وسط هذا المشهد، تتصاعد المخاوف من تداعيات اجتماعية خطيرة، مع ازدياد عدد المتضررين الذين يواجهون خطر فقدان بيوتهم أو أرزاقهم بسبب التراكمات المالية، دون وجود آلية قانونية واضحة تتيح التظلم أو إعادة التفاوض حول القروض القديمة.
وتطالب أصوات حقوقية واقتصادية بإعادة النظر في طريقة تعامل النظام المصرفي مع المقترضين المتعثرين بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم، وضرورة وضع حلول مرنة تراعي الوضع الاقتصادي العام وتقلل من حدة الأزمة، عبر جدولة الديون، أو تأجيل السداد، أو حتى إقرار إعفاءات جزئية في حالات خاصة.
في ظل غياب مثل هذه المعالجات، تبقى فئات واسعة من المواطنين مهددة بخسارة ما تبقى لهم من ممتلكات، لتضاف معاناتهم إلى سلسلة طويلة من التحديات اليومية التي تواجهها الأسر السورية في زمن الأزمات.