في خطوة أمنية لافتة ضمن جهود مكافحة الجريمة المنظمة في شرق سوريا، نفذت قوى الأمن العام عملية نوعية أسفرت عن اعتقال أحد أبرز المتهمين بإدارة شبكات تهريب المخدرات والأسلحة، وهو المدعو حسين العلي، المعروف بلقبه الشائع "الحوت"، وذلك في ريف البوكمال بمحافظة دير الزور، على مقربة من الحدود السورية – العراقية.
حسين العلي يُعتبر من الأسماء الأكثر ارتباطاً بملفات تهريب كبرى، لطالما شكّلت تهديداً مباشراً للاستقرار المحلي، خاصة في منطقة قرية الهري الحدودية التي اتخذ منها العلي قاعدة انطلاق لنشاطاته غير القانونية لسنوات طويلة. وجاءت العملية الأمنية التي أفضت إلى اعتقاله بعد رصد دقيق ومتابعة طويلة، في وقت تتكثف فيه الجهود الأمنية لملاحقة المتورطين في ملفات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
العلي، الذي تمتع بنفوذ كبير في المنطقة، نجح لفترات طويلة في البقاء خارج دائرة المحاسبة، مستفيداً من هشاشة الوضع الأمني وتقاطع المصالح بين أطراف محلية وإقليمية. وبفضل شبكته المعقدة من العلاقات، تمكّن من تأمين الحماية لأنشطته، وهو ما صعّب مهمة تعقبه على مدى سنوات. وكانت له روابط وثيقة بجهات مسلحة محلية وإقليمية، ساعدته في توسيع نشاطه ليشمل تهريب الأسلحة والمخدرات والبشر.
خلال سنوات الحرب، وتحديدًا أثناء سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مناطق البوكمال، حافظ العلي على موقعه من خلال نسج تحالفات مرنة مع قوى مختلفة، ما مكّنه من لعب دور الوسيط أحياناً بين مجموعات متصارعة، وهو ما عزز من موقعه داخل البنية الهشة للمنطقة الحدودية.
عملية الاعتقال تمثل خطوة مهمة في مسار طويل نحو استعادة سلطة القانون وتفكيك شبكات التهريب، لا سيما في المناطق الشرقية من البلاد، التي لطالما عانت من الفلتان الأمني وانتشار اقتصاد الحرب. وتُعد هذه العملية مؤشراً على تحرك جاد من قبل الجهات الأمنية لإعادة ضبط المشهد الأمني، خاصة في المناطق الحيوية المتاخمة للحدود.
الخطوة، على الرغم من كونها فردية في ظاهرها، تحمل بعداً أعمق مرتبطاً بمساعي إرساء العدالة في مرحلة ما بعد الحرب. فملاحقة أشخاص مثل العلي، ممن راكموا النفوذ والثروة على حساب الأمن العام، هو جزء لا يتجزأ من جهود تعزيز الثقة بين المجتمع المحلي والمؤسسات الأمنية.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بإعادة هيكلة الحالة الأمنية في الشرق السوري، يتطلع كثيرون إلى أن تكون هذه العملية مقدّمة لسلسلة تحركات مماثلة تطال شخصيات أخرى ضالعة في ملفات الفساد والتهريب، بما يعزز من فرص التعافي والاستقرار في واحدة من أكثر المناطق حساسية في البلاد.