تشهد مدينة الشدادي وريفها جنوبي محافظة الحسكة توتراً أمنياً متصاعداً، بعد أن نفذت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حملة اعتقالات جديدة طالت 15 مدنياً على الأقل خلال الساعات الماضية، دون تقديم أي توضيحات رسمية بشأن الأسباب.
عمليات الاعتقال نُفّذت على نحو مفاجئ في مناطق متفرقة من الشدادي والقرى المحيطة بها، وسط استنفار أمني ملحوظ. وشهدت بعض الاعتقالات استقدام تعزيزات عسكرية، كما حدث في قرية عدلة حيث اقتحمت قوات تابعة لـ"قسد" منزل الشاب عبد الحميد الطريمة، واقتادته إلى جهة مجهولة.
من بين المعتقلين أيضاً، الشاب إياد خالد الكويدر، الذي يعمل على صهريج مياه ويُعرف بسيرته الحسنة بين سكان المنطقة. جرى توقيفه على حاجز أمني في قرية الخمايل دون إبراز مذكرة اعتقال أو توجيه تهمة رسمية، بحسب روايات محلية. كما اعتُقل لؤي المرعي على أحد حواجز مدينة الشدادي، في ظروف مشابهة.
هذه التطورات تأتي بعد أقل من أسبوعين على حملة اعتقال واسعة شهدتها بلدة مركدة وريفها، حيث تم احتجاز أكثر من 125 شخصاً، معظمهم اقتيدوا إلى سجن الشدادي دون إعلام ذويهم بأسباب الاحتجاز أو السماح لهم بزيارتهم، وفقاً لمصادر مطلعة.
وربطت مصادر محلية تلك الاعتقالات المتكررة بتعبير بعض المواطنين عن تأييدهم للإدارة السورية الجديدة التي تسلمت الحكم بعد الإطاحة بالنظام السابق، ما اعتبرته "قسد" تهديداً لسيطرتها على المنطقة. هذا ما دفع ناشطين في الشدادي ومحيطها إلى التنديد بما وصفوه بـ"سياسات كمّ الأفواه"، محذرين من اتساع رقعة الاحتقان الشعبي.
ويرى مراقبون أن تصاعد حملات الاعتقال من دون قرائن قانونية أو أوامر قضائية قد يؤجج الوضع الأمني المتوتر في المنطقة، ويزيد من فقدان الثقة بين السكان المحليين والقوة المسيطرة، في وقت تعاني فيه المنطقة من أزمات معيشية خانقة وتدهور في البنية التحتية والخدمات.
من جهته، يواصل الأهالي مناشدتهم للجهات المعنية والدولة السورية بالتدخل لوضع حد لما يصفونه بـ"الفلتان الأمني"، وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، مؤكدين أن صمت المجتمع الدولي حيال هذه الممارسات يزيد من شعورهم بالتهميش والإقصاء.
وفي غياب توضيحات رسمية من "قسد" أو تصريحات تؤكد طبيعة التهم الموجهة للموقوفين، يبقى مصير هؤلاء المعتقلين معلقاً، وسط مخاوف من تكرار سيناريوهات الاعتقال التعسفي التي عاشتها المنطقة في سنوات سابقة، دون محاسبة أو مساءلة.