وسط أجواء من التوتر الأمني المتصاعد، أعلنت “قوى الأمن الداخلي” (الأسايش) في شمال شرقي سوريا عن إلقاء القبض على عنصر بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية” يُعدّ من أخطر أفراد ما يُعرف بـ"خلايا الانتحاريين"، وذلك في ريف دير الزور الشرقي. العملية، التي جرت دون تسجيل أي خسائر بشرية في صفوف القوات، وصفتها "الأسايش" بأنها جزء من سلسلة حملات أمنية تهدف إلى تضييق الخناق على فلول التنظيم، الذي لا يزال ينشط في مناطق متفرقة رغم مرور سنوات على خسارته لمعاقله الكبرى.
العنصر الذي تم القبض عليه، بحسب بيان رسمي صدر في 18 أيار، يُشتبه في تورطه في عمليات اغتيال واستهداف مباشر لعناصر وقيادات في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأهالي المتعاونين معها. كما أشارت الأسايش إلى أنه كان فاعلًا في ما يُعرف بـ"تشكيلات الانتحاريين" خلال فترة سيطرة التنظيم على مناطق واسعة من شرق سوريا، مما يُعطي دلالة على أهمية العملية الأمنية التي وُصفت بـ"النوعية".
تأتي هذه العملية الأمنية بعد أسابيع من تصاعد واضح في هجمات التنظيم، الذي بدأ يعيد إحياء نشاطه في ريف دير الزور الشرقي، من خلال عمليات خاطفة ومتنوعة تتراوح بين تفجيرات، وكمائن، واغتيالات
في سياق متصل، أثارت التحركات المتزايدة للتنظيم في البادية السورية وعلى أطراف دير الزور مخاوف من عودة التنظيم إلى نهج "الاستنزاف الأمني"، مستفيدًا من حالة السيولة الأمنية في بعض المناطق، والتوترات المحلية، بالإضافة إلى وجود خلايا نائمة ما زالت تنشط بسرّية.
هذه المخاوف ليست محلية فحسب، بل أعاد مسؤولون دوليون التحذير منها. ففي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في نيسان الماضي، حذّر مسؤولون في الأمم المتحدة، وأجهزة استخبارات أمريكية، من احتمالات عودة التنظيم بوتيرة جديدة، مستغلًا الثغرات الأمنية والفراغات التي لم تُملأ بعد في مناطق الشمال الشرقي.
وبين التصعيد الأمني والعمليات المضادة، يعيش السكان في مناطق ريف دير الزور حالة من القلق الدائم. فالهجمات التي تستهدف المدنيين، ومحاولات فرض الإتاوات، والانتقام من المتعاونين مع قسد، تترك أثرًا واضحًا على الاستقرار الهش أصلًا، وتزيد من تحديات إعادة الإعمار وبناء الثقة.
من جهة أخرى، تحاول “قسد” توظيف هذه الحملات الأمنية في تعزيز صورتها كمظلة لحماية المناطق التي تديرها، رغم الانتقادات المتكررة بشأن طرق الاعتقال والمداهمات، وغياب الشفافية في بعض الحالات، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في منطقة تعاني من انقسامات مجتمعية وصراعات متعددة الأطراف.