عاد ملف التشكيلات المحلية في محافظة السويداء جنوب سوريا إلى الواجهة، بعد تداول وثيقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى فتح باب الانتساب لتشكيل جديد يحمل اسم "الحرس الوطني"، قيل إنه ينشط في المحافظة بدعم محلي وتنسيق مع بعض القوى المجتمعية.
الوثيقة أثارت تساؤلات واسعة بين السكان المحليين والمتابعين للشأن السوري، خصوصًا بعد ما ورد فيها من إشارات توحي بوجود تنسيق رسمي مع وزارة الدفاع السورية، الأمر الذي سارعت الأخيرة إلى نفيه بشكل قاطع. وفي بيان غير مباشر، أكدت الوزارة أنه لا علاقة لها بالفصيل المذكور، ولا بأي دعوة انتساب مرتبطة به، موضحة أن الوثيقة المتداولة لا تعكس أي موقف رسمي، داعية المواطنين إلى عدم الانجرار خلف المعلومات غير الموثوقة.
في الوقت ذاته، أدلى مالك أبو الخير، الأمين العام لحزب "اللواء السوري" والمقيم في فرنسا، بتصريحات إعلامية لقناة "المشهد" تحدث فيها عن تشكيل "الحرس الوطني" بقيادة شخصيات محلية من أبناء الطائفة الدرزية. ووفق قوله، فإن الهدف من هذا التشكيل هو تولي إدارة المشهد الأمني في السويداء، في ظل ما وصفه بفقدان الثقة بالمؤسسات الأمنية الرسمية، وازدياد الهجمات التي تتعرض لها المدينة من قبل مجموعات مجهولة أو غير منضبطة.
تصريحات أبو الخير حملت طابعًا حذرًا، مؤكدًا أن التحرك ليس موجهًا ضد الدولة السورية بشكل مباشر، لكنه جاء كرد فعل على غياب المحاسبة وتكرار الانتهاكات الأمنية دون رادع بحسب وصفه. وأشار إلى أن الحوادث المتكررة في السويداء، وجرمانا وصحنايا، وعودة نشاط بعض الجماعات المتطرفة، وفي مقدمتها خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية"، دفعت المجتمع المحلي لإعادة التفكير في كيفية حماية مناطقهم.
من جهة أخرى، لم يصدر حتى اللحظة موقف رسمي مباشر من مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز بشأن ما يُتداول حول دور نجل الشيخ حكمت الهجري في تأسيس "الحرس الوطني"، وهو ما أشار إليه المذيع خلال المقابلة، دون توفر تأكيد مستقل.
المسؤول في "اللواء السوري" اعتبر أن دعوة وزارة الدفاع الأخيرة، التي شددت على التحاق التشكيلات العسكرية كافة بالوزارة خلال عشرة أيام كحد أقصى، لا تعنيهم، موضحًا أن الحكومة مطالبة أولًا بضبط الفصائل غير المنضبطة وتأمين الحماية لأبناء السويداء، بدل فرض مهلات غير واقعية. كما شدد على أن أبناء المحافظة ما زالوا يتحدثون بلغة وطنية، ولا يسعون للتصعيد، لكنهم في الوقت ذاته يحتفظون بحق الرد في حال تعرضوا لأي تهديد مباشر.
وكان اللواء مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع السوري، قد أعلن في 17 أيار الجاري، اكتمال عملية دمج كافة التشكيلات العسكرية ضمن الوزارة، في خطوة وصفها بأنها "إنجاز كبير" يعكس الجهود المبذولة لإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية. ودعا من تبقى من التشكيلات المحلية إلى الالتحاق الفوري بالمؤسسة الرسمية، مؤكدًا أن أي تأخير سيواجه بإجراءات قانونية صارمة.
وزارة الإعلام بدورها دخلت على خط الأزمة، إذ أوضح مدير العلاقات العامة في الوزارة، علي الرفاعي، عبر منشور على حسابه الرسمي، أن الوزارة تواصلت مباشرة مع وزارة الدفاع فور تداول الوثيقة، التي نفت بشكل قاطع وجود أي صلة بها أو بمضمونها، مجددًا الدعوة إلى الاعتماد على المصادر الرسمية فقط للحصول على المعلومات الصحيحة.
وتأتي هذه التطورات في ظل مشهد أمني معقّد تشهده السويداء منذ أعوام، إذ عانت المحافظة من فراغ أمني واضح وتزايد نشاط الفصائل المسلحة، فضلًا عن الهجمات المتكررة من جهات مجهولة، في حين بقيت محاولات ضبط الوضع محدودة الأثر، وسط مطالبات شعبية متكررة بإيجاد حلول جذرية تحقن الدماء وتحفظ استقرار المنطقة.
وبين نفي رسمي من جهة، وتصريحات تؤكد النية في إنشاء تشكيل محلي جديد من جهة أخرى، يبدو أن ملف "الحرس الوطني" سيبقى مفتوحًا في السويداء، وسط حالة من الترقب والحذر، في انتظار ما ستؤول إليه العلاقة بين الجهات الرسمية والمبادرات المحلية التي تنبع من مخاوف أمنية وشعور متزايد بالعزلة والانكشاف الأمني.