هجمات تنظيم د ا عـ ش" شرق سوريا خلال أيار

سامر الخطيب

2025.05.20 - 10:24
Facebook Share
طباعة

 رغم الجهود الأمنية المكثفة التي تنفذها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي، عادت خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى واجهة المشهد الأمني في شمال شرقي سوريا، وسط تصعيد واضح في العمليات المسلحة التي تستهدف مواقع عسكرية وأهدافًا مدنية على حد سواء.


منذ بداية عام 2025 وحتى منتصف شهر أيار، تم تسجيل 86 عملية أمنية نسبت إلى خلايا التنظيم في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، ما يشير إلى نمط عمليات منظم يعتمد على الضربات المفاجئة والتكتيكات غير التقليدية، ويعكس استمرار قدرة هذه الخلايا على الحركة والتنفيذ، على الرغم من المطاردات والمداهمات المستمرة.


سجلت الأيام الخمسة عشر الأولى من شهر أيار وحدها 14 عملية مختلفة، تنوعت بين هجمات على حواجز ونقاط تفتيش، وكمائن على طرق فرعية، واستهدافات لمنازل ومحال تجارية، فضلًا عن اشتباكات مباشرة مع قوات سوريا الديمقراطية.


وقد تمركزت معظم هذه العمليات في ريف دير الزور الشرقي، وهو ما يعكس استمرار هشاشة الوضع الأمني في تلك المنطقة، التي توصف عادة بأنها "خاصرة رخوة" في بنية السيطرة الأمنية، نظرًا لطبيعتها الجغرافية وتوزع القوى المحلية فيها.


تفاصيل العمليات
شهد يوم 3 أيار هجومًا على حاجز لقوات سوريا الديمقراطية في بلدة الطيانة، استخدم فيه المهاجمون أسلحة رشاشة وقذائف "آر بي جي"، قبل أن ينسحبوا دون تسجيل خسائر بشرية. وفي 5 أيار، شُنّ هجوم مباغت على موقع عسكري في بلدة ذيبان، تبعته اشتباكات عنيفة، كما جرى استهداف منزل مدني في البلدة ذاتها.
اليوم نفسه شهد أيضًا استهداف نقطة عسكرية في بلدة الشحيل، دون تسجيل إصابات، بينما شهد 7 أيار ثلاث عمليات متزامنة، بينها اشتباك في بلدة البحرة أسفر عن مقتل عنصرين من "قسد"، وهجوم على سيارة عسكرية بريف الرقة أدى إلى إصابة عنصرين، إضافة إلى هجوم على محل تجاري في بلدة الحوايج رفض صاحبه دفع "الزكاة" التي يفرضها التنظيم.


كما طالت الاستهدافات محطات وقود ومنازل تجار، بعضها جرى تبريره أيضًا بـ"رفض دفع الزكاة"، وهي إحدى الوسائل التي يستخدمها التنظيم لفرض السيطرة الاقتصادية على بعض المجتمعات المحلية. وفي حالات أخرى، استهدفت الخلايا سيارات عسكرية أو نقاط تفتيش، معتمدة على الدراجات النارية أو الهجمات الليلية المباغتة.


الحصيلة الإجمالية
أسفرت العمليات التي نُفذت خلال الفترة من 1 كانون الثاني إلى 16 أيار عن مقتل 31 شخصًا، بينهم 21 من عناصر قوات سوريا الديمقراطية والقوات المتحالفة معها، و5 مدنيين، و5 من عناصر التنظيم، إضافة إلى إصابة العشرات بجروح متفاوتة.
وتوزعت العمليات على المحافظات الثلاث الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" على النحو التالي:
دير الزور: 73 عملية، أسفرت عن 17 قتيلاً من العسكريين و5 مدنيين، إلى جانب عشرات الجرحى.
الحسكة: 9 عمليات، أوقعت 7 قتلى، بينهم 4 من عناصر التنظيم.
الرقة: 4 عمليات، خلّفت قتيلًا من "الأسايش" و5 جرحى.


يعكس هذا التصعيد اتجاهًا واضحًا لدى التنظيم لإعادة فرض حضوره، عبر تكتيكات "الاستنزاف الأمني"، والتي تعتمد على استهداف النقاط الرخوة والتجمعات غير المحصنة، وخلق جو من القلق الأمني يعيق الاستقرار المحلي، ويضغط على المجتمع والسلطات في آنٍ معًا.


وتُظهر طبيعة الهجمات أن التنظيم لا يركز فقط على الأهداف العسكرية، بل بدأ يتوسع نحو استهدافات لها بُعد اقتصادي ومجتمعي، مثل المحال التجارية ومحطات الوقود والمنازل، بهدف ترهيب السكان المحليين وإجبارهم على التعاون أو التزام الصمت، تحت وطأة التهديد أو الانتقام.


تحديات مستمرة رغم الجهود
ورغم تنفيذ سلسلة من الحملات الأمنية والمداهمات التي استهدفت مواقع يشتبه بوجود خلايا للتنظيم فيها، لا تزال تلك الجهود عاجزة عن إنهاء وجوده بشكل كامل، ما يطرح تحديات أمنية مستمرة أمام القوات العسكرية.


وتُعزى صعوبة اجتثاث هذه الخلايا إلى عدة عوامل، منها تضاريس المنطقة، وتعقيد البنية الاجتماعية، وسهولة تنقل المقاتلين باستخدام وسائل بسيطة، فضلًا عن اعتماد التنظيم على خلايا نائمة تنتظر الفرصة لتنفيذ هجمات خاطفة.


الحاجة لاستراتيجية متعددة الأبعاد
يرى مراقبون أن مواجهة هذا التصعيد تتطلب استراتيجية متكاملة لا تقتصر على البعد الأمني فقط، بل تشمل أيضًا التنمية المحلية، وتحسين الخدمات، وبناء الثقة بين المجتمع المحلي والجهات الأمنية، إضافة إلى العمل على تفكيك البنية الاقتصادية التي يعتمد عليها التنظيم لتمويل أنشطته وفرض سلطته على السكان.


في ظل استمرار الهجمات، تبدو المنطقة أمام مفترق طرق: فإما معالجة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأسباب البنيوية التي تسمح بعودة التنظيم، أو استمرار في الدوران داخل حلقة المواجهات الأمنية المحدودة، والتي لا تُفضي إلى حل جذري.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 10