تتزايد المؤشرات على أن سوريا تخطو فعليًا نحو مسار الانضمام إلى اتفاقيات "أبراهام"، التي تمثل الإطار السياسي لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية برعاية أمريكية. التصريحات والتسريبات الأخيرة، خاصة من مسؤولين أمريكيين، كشفت عن وجود مفاوضات غير معلنة بين دمشق وتل أبيب، وسط جهود دبلوماسية إقليمية تقودها الإمارات والسعودية.
نقطة التحول جاءت خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، ولقائه المفاجئ بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، حيث أكد ترامب أن سوريا ستكون "جزءًا من اتفاقيات أبراهام عاجلًا أم آجلًا"، مشيرًا إلى أن انضمامها مرتبط بقدرتها على استعادة الاستقرار الداخلي. الشرع بدوره، أبدى قبولًا مشروطًا بالفكرة، ربطه بتهيئة الظروف السياسية والأمنية في الداخل السوري.
هذه التصريحات لم تكن معزولة، بل رافقتها تغريدة رسمية من كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أكدت فيها أن من بين القضايا الخمس التي ناقشها ترامب مع الشرع كان ملف التطبيع مع إسرائيل.
اتفاقيات "أبراهام" التي انطلقت رسميًا عام 2020 بتوقيع الإمارات والبحرين ثم السودان والمغرب، تسعى لتوسيع دائرة الدول المنخرطة فيها، وخصوصًا في ظل المساعي الأمريكية لإعادة رسم تحالفات المنطقة. وبحسب مراقبين، فإن ضم سوريا قد يشكل تحولًا جذريًا في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، خاصة بعد عقود من العداء العلني.
لكن الطريق أمام دمشق لن يكون سهلًا. فوفق الباحث وائل علوان، من مركز "جسور للدراسات"، فإن الانضمام يتطلب حوارًا جادًا حول قضايا خلافية كالجولان المحتل ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى إحياء اتفاقيات فض الاشتباك. كما أشار إلى أن المبادرة تأتي ضمن مسار تقوده السعودية، التي ما تزال تشترط تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قبل أي خطوة تطبيعية.
في الوقت ذاته، أشارت تقارير صحفية إلى محادثات سورية-إسرائيلية سرية عقدت مؤخرًا في أبو ظبي، وسط رعاية إماراتية مباشرة، وهو ما يعزز فرضية أن التطبيع لم يعد مجرد احتمال نظري، بل تحول إلى خيار مطروح على الطاولة بجدية.
من جهته، يرى هارون زيلين، الباحث في معهد "واشنطن"، أن واشنطن تستطيع تسريع هذا المسار من خلال تسهيل جولات تفاوضية جديدة، إلى جانب الضغط على دمشق لإعادة تأكيد موقفها من ملفات إقليمية شائكة، كقضية مزارع شبعا وترسيم الحدود مع لبنان.
ورغم أن دمشق لم تصدر موقفًا رسميًا، فإن الإشارات المتكررة من واشنطن ودوائر القرار الإقليمي تشير إلى أن عهدًا جديدًا في العلاقات السورية-الإسرائيلية قد يكون قيد التبلور، على أن تحسم تفاصيله في قادم الأشهر ضمن صفقات إقليمية أوسع قد تعيد رسم خريطة المنطقة بالكامل.