مشروع مخيم برعان في ريف حلب: بين الحاجة الإنسانية وحقوق المزارعين

بشار اليوسف – حلب

2025.05.19 - 08:52
Facebook Share
طباعة

 في ريف حلب الشمالي، وتحديدًا بين قريتي برعان وقعركلبين التابعتين لمدينة أخترين، يبرز مشروع مخيم برعان الذي تنفذه مؤسسة إدارة الكوارث التركية (آفاد) بالتعاون مع المجلس المحلي لمدينة أخترين. يهدف المشروع إلى إسكان النازحين السوريين، إلا أنه أثار جدلاً واسعًا بسبب استحواذه على أراضٍ زراعية خاصة دون تعويضات مناسبة لأصحابها.
أضرار بيئية واحتجاجات محلية
أعمال البناء أدت إلى تضرر الأبنية السكنية المجاورة، والأراضي الزراعية، وممتلكات أصحاب المواشي في القرى المحيطة بالمخيم، نتيجة التفجيرات والغبار، ما ألحق أضرارًا بالأشجار والمراعي. محمد المصطفى، أحد سكان المنطقة، أشار إلى أن تفجيرات الصخور أثناء البناء أدت إلى أضرار في المنازل القريبة، بالإضافة إلى الغبار والأتربة التي أضرت بالمزروعات. كما خرج عدد من المزارعين في مظاهرات احتجاجية ضد المشروع، طالبوا خلالها بإيقاف البناء بسبب الأضرار التي لحقت بهم، لكن المظاهرة فُضّت دون الاستجابة لمطالبهم.
الموقف القانوني والتعويضات
المجلس المحلي لمدينة أخترين، بصفته جهة تنفيذية حكومية، يحق له استملاك الأراضي الخاصة لتنفيذ مشاريع ذات نفع عام، مقابل تعويضات تُحدّدها المحكمة. إلا أن الخبير القانوني عبد الناصر حوشان يرى أن تصرف المجلس لا يتوافق مع الإجراءات القانونية والدستورية الخاصة بالاستملاك، مشيرًا إلى أن القانون والدستور السوري يحميان الملكية الخاصة، ولا يُجيز التعدي عليها إلا للمنفعة العامة، مع وجود قانون وتعويض مناسب.
آمال بإزالة المخيمات العشوائية
يهدف مشروع مخيم برعان إلى إزالة المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف حلب الشمالي، ونقلها إلى مخيم أكثر تنظيمًا، وقد تشمل هذه المخيمات تلك الموجودة على الأراضي التركية مستقبلًا. يضم المخيم أكثر من 3000 وحدة سكنية، تستوعب نحو 1500 عائلة، ويُزوّد ببنية تحتية وخدمية متكاملة تشمل مدارس، ومساجد، وأسواقًا، وفرنًا، ومرافق ومراكز صحية.
ورغم سقوط النظام السوري السابق في ديسمبر 2024، لا تزال معظم المخيمات قائمة، بسبب تأخر عمليات الإعمار وعودة محدودة للنازحين، نتيجة تدمير منازلهم، وعدم كفاية الخدمات، وخطر الذخائر غير المنفجرة. وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن نحو 333,000 شخص فقط غادروا المخيمات في شمال غربي سوريا منذ ديسمبر 2024 حتى نهاية أبريل 2025، بينما لا يزال نحو 7.4 مليون نازح داخل سوريا.
مشروع مخيم برعان يعكس التحديات المعقدة التي تواجهها سوريا في مرحلة ما بعد النزاع، حيث تتداخل الحاجة الإنسانية الملحة مع حقوق الملكية الخاصة. يتطلب تحقيق التوازن بين هذه الجوانب التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا من الجهات المنفذة، لضمان حقوق المزارعين المتضررين، وتوفير حلول سكنية كريمة للنازحين، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8