تعيش محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، أزمة صحية متفاقمة تهدد حياة مئات الآلاف من السكان، في ظل توقف شبه كامل للدعم المقدم للمراكز الصحية من قبل الجهات المانحة الدولية. هذا التوقف المفاجئ في التمويل قد يؤدي إلى إغلاق العديد من المرافق الصحية، ويضع القطاع الصحي في المنطقة أمام تحدٍ كبير يهدد بتوقف الخدمات الأساسية، في وقت تشتد فيه الحاجة إليها.
تتوزع في إدلب وريفها أكثر من 150 منشأة صحية، بينها مراكز طبية تخصصية ومشافي عامة تقدم خدماتها لمئات الآلاف من المدنيين. ومع غياب الدعم، أصبحت هذه المنشآت عاجزة عن تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، كما بات استمرار عمل الكوادر الطبية مهدداً بسبب انقطاع الرواتب ونقص الموارد التشغيلية.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يعاني فيه السكان من ظروف معيشية صعبة للغاية، مع تدهور اقتصادي مستمر وارتفاع في أسعار العلاج في المراكز الخاصة، الأمر الذي يحول دون لجوء معظم المرضى إليها. هذه الأوضاع دفعت بالكثير من المرضى، وخصوصاً أولئك المصابين بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي، إلى التنقل لمسافات طويلة خارج المحافظة بحثاً عن العلاج، ما يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة بسبب التأخر في تلقي الرعاية اللازمة.
وقد شهدت بعض المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل، مثل مستشفى الأمومة والمشفى الجامعي في مدينة إدلب، ضغطاً متزايداً نتيجة تدفق أعداد كبيرة من المرضى إليها. ويعاني الكادر الطبي في هذه المستشفيات من استنزاف مستمر للجهود والإمكانات، وسط توقعات بزيادة الأزمة ما لم يتم إيجاد حلول عاجلة.
توقف الدعم لا يقتصر على النقص في الأدوية والمستلزمات فقط، بل يمتد ليشمل انقطاعاً في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، وصعوبة تأمين المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات، ما يزيد من معاناة المرضى والكوادر على حد سواء.
في المقابل، لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تحرك عاجل من الجهات المعنية لإيجاد بدائل تمويلية، فيما تبقى وعود إعادة الدعم رهن التطورات السياسية والقرارات الدولية. وفي ظل عجز الحكومة المركزية عن تغطية النفقات، تُرك السكان يواجهون مصيرهم في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الرعاية الصحية.
ختاماً، يحذر مراقبون من أن استمرار هذا الانقطاع في الدعم قد يؤدي إلى كارثة صحية حقيقية، في منطقة تعاني أساساً من هشاشة البنية التحتية الصحية، ويطالبون بتحرك فوري من المجتمع الدولي لتدارك الوضع، ومنع انهيار كامل للقطاع الصحي في إدلب.