ريف إدلب الجنوبي.. نكبة صامتة تنتظر الحل

سامر الخطيب

2025.05.17 - 10:32
Facebook Share
طباعة

 يشهد ريف إدلب الجنوبي تدهوراً متسارعاً في الأوضاع المعيشية والخدمية، وسط غياب ملحوظ للجهات المسؤولة عن تقديم الخدمات الأساسية. وقد باتت بلدات المنطقة، من كفرنبل إلى الهبيط، أشبه بمناطق منكوبة نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية خلال سنوات الصراع، في ظل غياب خطط جدية لإعادة التأهيل أو الإعمار.


منذ عودة عدد من السكان إلى قراهم بعد فترات من النزوح، اصطدموا بواقع مأساوي يتمثل في دمار واسع للمنازل والمرافق العامة، وتردي شبكات الطرق والمياه والكهرباء، في وقت يشكل فيه غياب المؤسسات المحلية الفاعلة عائقاً أمام أي تحسن ملموس.


الطرق والمواصلات في دائرة الانهيار
أغلب الطرق في المنطقة متضررة أو غير معبدة، ما يعيق حركة التنقل اليومية ويضاعف من معاناة السكان، خاصة في القرى الصغيرة. وتزداد الأزمة حدة في حالات الطوارئ، إذ يصعب على المرضى أو المصابين الوصول إلى نقاط طبية، ما يتسبب في تأخر العلاج أو غيابه تمامًا.


القطاع الصحي: غياب شبه كامل
الواقع الصحي في ريف إدلب الجنوبي يعاني من نقص واضح في المراكز والكوادر والمعدات. وتفتقر بعض القرى لأي منشأة طبية، ما يضطر السكان للتوجه إلى مناطق بعيدة، غالباً ما تكون غير مؤهلة بدورها لاستيعاب الأعداد أو الحالات المعقدة. هذا النقص يرفع من معدل الوفيات المرتبطة بأسباب يمكن تفاديها في ظل نظام صحي مستقر.


التعليم.. جيل خارج المدارس
الدمار الذي طال المدارس تسبب في توقف العملية التعليمية في العديد من البلدات. بعض المدارس تحوّلت إلى أنقاض، وأخرى تفتقر إلى البنية التحتية والمعلمين. وبسبب ذلك، ينقطع الأطفال عن التعليم أو يُجبرون على الانتقال إلى مناطق بعيدة، ما يعرضهم لمخاطر الطريق ويفتح الباب أمام التسرب الدراسي بشكل واسع.


أزمة المياه.. خطر آخر يهدد السكان
يعتمد معظم الأهالي على صهاريج المياه أو الآبار غير المنظمة كمصدر رئيسي للمياه، في ظل ارتفاع أسعار الوقود اللازم لتشغيل المضخات. ويصل سعر صهريج المياه في بعض البلدات إلى ما يقارب 20 دولارًا، ما يشكل عبئًا على العائلات، ويزيد من احتمالات انتشار الأمراض الناتجة عن المياه غير المعالجة.


تحليل المشهد: الحاجة إلى تدخل منهجي
تُظهر الأوضاع في ريف إدلب الجنوبي حجم التحديات التي تواجه السكان، حيث لا تقتصر المعاناة على الخدمات، بل تشمل الانهيار الاقتصادي وغياب فرص العمل، ما يدفع كثيرين إلى التفكير بالنزوح مجددًا رغم المخاطر. وبينما يبقى الدعم المحلي والدولي خجولًا ومتقطعًا، يتصاعد الضغط على الجهات الإنسانية والحكومية لتبني خطة إنقاذ شاملة، تبدأ بإعادة الإعمار وتمر بإعادة تفعيل المؤسسات الخدمية، وصولًا إلى توفير مقومات الحياة الكريمة.


حتى ذلك الحين، تظل المنطقة رهينة واقعٍ هشّ، يهدد بمفاقمة الأوضاع في حال استمرار تجاهل معاناة آلاف السكان العائدين إليها، والذين يطالبون اليوم بحلول جذرية تتجاوز التصريحات وتصل إلى التنفيذ الفعلي.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3