تراجع داعش في البادية وسط تحديات أمنية

سامر الخطيب

2025.05.17 - 10:24
Facebook Share
طباعة

 شهدت بادية دير الزور خلال الفترة الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً في نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية" ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية، في ظل تغيرات ميدانية أبرزها انسحاب مجموعات من الميليشيات المرتبطة بإيران من مواقع استراتيجية كانت تشغلها لسنوات، مثل مستودعات عياش ومحيطها.


لطالما شكّلت هذه البادية، بما تمتاز به من تضاريس وعرة ومساحات مفتوحة، بيئة مثالية لنشاط الخلايا المتطرفة. واستغل التنظيم تلك الطبيعة لتنفيذ كمائن وهجمات مباغتة استهدفت مواقع عسكرية ومدنية، ترافقت في بعض الحالات مع أعمال عنف واسعة طالت مدنيين، من ضمنها حوادث تكررت بحق جامعي الكمأ.


لكن المستجدات الأمنية الأخيرة، وعلى رأسها انسحاب القوات غير السورية من بعض النقاط، أسهمت – وفق ما تشير إليه مصادر محلية – في تقليص هامش الحركة أمام عناصر التنظيم، وفي الحد من قدرته على إعادة تنظيم صفوفه أو استخدام بعض المواقع كبؤر انطلاق.


وتشير المعطيات إلى أن بعض المناطق، مثل الشولا والخراطة والبشري، التي كانت مصنّفة كمناطق نشاط مرتفع للتنظيم، شهدت انخفاضًا ملموسًا في عدد العمليات خلال الأسابيع الأخيرة. ويُعزى ذلك إلى زيادة التنسيق الأمني وانتشار القوات المحلية، إلى جانب تحسّن آليات الرصد والاستجابة.


ورغم هذا التراجع، لا تزال التحديات الأمنية قائمة، لا سيما في المناطق الواقعة شرق نهر الفرات، ضمن نطاق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حيث ما يزال التنظيم ينشط عبر خلاياه. وقد رُصد خلال شهر أيار الجاري عدد من العمليات، بينها هجمات على نقاط أمنية، وعمليات استهداف لمرافق خدمية، إلى جانب فرض إتاوات على بعض المحال التجارية.


وبينما سُجّلت عملية واحدة للتنظيم ضمن مناطق الحكومة هذا الشهر، تركّزت غالبية الهجمات – بحسب المعلومات المتوفرة – في مناطق تابعة لـ"قسد"، خصوصاً في محافظتي دير الزور والرقة. ويُظهر هذا التوزع الجغرافي أن التنظيم، رغم خسائره، لا يزال يحتفظ بقدرة على المناورة، مستفيداً من الفراغات الأمنية والتحديات الإدارية التي تواجه بعض المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة.


ويثير استمرار هذا النشاط مخاوف من احتمال امتداد العمليات مجددًا إلى مناطق أكثر استقراراً نسبياً، أو تسلل الخلايا نحو مناطق محاذية مستغلة أي ضعف أمني، خصوصاً في ظل عدم وجود تنسيق فعّال على مستوى وطني بين مختلف القوى المسيطرة على الأرض.


ويرى متابعون أن التعامل مع هذا التهديد يتطلب مقاربة أوسع من العمليات الأمنية المباشرة، تشمل تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المناطق الريفية التي شكّلت تقليدياً بيئة حاضنة للتنظيم، عن قصد أو عن اضطرار.


ففي ظل المشهد السياسي والعسكري المتقلب في سوريا، يظل تنظيم "الدولة الإسلامية" خطراً قائماً، ولو بوتيرة أقل، مع قابلية دائمة للعودة في حال غياب الاستقرار وتراجع الجهد الأمني المشترك.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9