تنظيم "الدولة" يهدد الاستقرار شمال شرق سوريا

سامر الخطيب

2025.05.15 - 11:01
Facebook Share
طباعة

 رغم تقلص وجوده الجغرافي، يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" تعزيز حضوره كواحد من أبرز التهديدات الأمنية في سوريا، مستغلاً حالة عدم الاستقرار وتفاوت السيطرة الأمنية في عدد من المناطق، خاصة في محافظتي دير الزور والرقة. ومنذ مطلع أيار الجاري، سجلت 14 عملية أمنية منسوبة لخلايا التنظيم، بعضها استهدف مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية، ما يعكس قدرة التنظيم على التمدد وشن هجمات في جبهات متفرقة.


وفي الوقت الذي تتجه فيه البلاد نحو محاولات سياسية لإعادة بناء التفاهمات بين القوى الفاعلة، بما في ذلك رفع العقوبات الأميركية وتنامي الحوار بين الأطراف السورية، يظهر تنظيم "الدولة" كعامل إعاقة لمسارات الحل، عبر تصعيد عملياته العسكرية، وتهديده للاستقرار النسبي الذي تحقق في بعض المناطق.


ويتركز نشاط التنظيم بشكل رئيسي في دير الزور، خصوصاً في بلدات مثل الشحيل، ذيبان، البحرة، والحوايج، حيث تنشط خلايا مسلحة تابعة له بشكل متزايد، مع تنفيذ هجمات باستخدام الأسلحة الرشاشة وقذائف الـ"آر بي جي"، واستهداف نقاط عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومرافق مدنية مثل محطات الوقود والمحال التجارية.


ويُظهر نمط هذه الهجمات تركيزًا على معاقبة من يرفض التعاون مع التنظيم، لا سيما أصحاب المحال الذين يمتنعون عن دفع ما يُعرف بـ"الزكاة". كما تُسجل عمليات تهديد وترهيب ضد المدنيين في محاولة لفرض السيطرة المعنوية على السكان، رغم غياب السيطرة الميدانية الفعلية.


على الجانب الآخر، شهدت مناطق أخرى في ريف الرقة وداخل مناطق النفوذ الحكومي عمليات متفرقة، ما يشير إلى أن نشاط التنظيم لا يقتصر على منطقة جغرافية بعينها، بل يتوزع وفقاً لهشاشة البيئة الأمنية والفراغات في بعض المناطق الريفية والنائية.


و يرى متابعون أن هذه الهجمات تمثل استراتيجية جديدة للتنظيم تقوم على إثبات الوجود بدلاً من السيطرة، عبر توجيه ضربات خاطفة ثم الانسحاب السريع، بما يربك القوى الأمنية ويغذي حالة القلق لدى المدنيين. ومن شأن استمرار هذا النمط من العمليات أن يعطل أي تقدم نحو الاستقرار أو المصالحة، لا سيما في ظل غياب تنسيق أمني فعّال بين القوى المسيطرة على مختلف الجبهات.


وفي ضوء تصاعد وتيرة العنف، تتزايد الدعوات لضرورة تعزيز التنسيق الأمني، ورفع مستوى الاستجابة للحفاظ على أمن المدنيين، خاصة في المناطق التي تشهد نشاطًا متكرراً للخلايا النائمة. كما يُطالب عدد من الأهالي في دير الزور والرقة بضرورة فتح تحقيقات شفافة وموسعة حول أسباب التراخي الأمني، وتوسيع نطاق العمليات الاستباقية لتفكيك تلك الخلايا.


ومع بقاء التنظيم نشطًا رغم مرور سنوات على إعلان هزيمته، تظل مسألة الاستقرار في سوريا رهناً بإجراءات أمنية متقدمة وحلول سياسية شاملة تتجاوز المعالجات الأمنية المحدودة، وتكفل سد الثغرات التي يتسلل عبرها العنف مجددًا إلى حياة السوريين.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5