دمشق والإدارة الذاتية نحو تفاهم دستوري

سامر الخطيب

2025.05.15 - 10:29
Facebook Share
طباعة

 تشهد العاصمة دمشق حواراً سياسياً متقدماً بين ممثلين عن الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، يهدف إلى مراجعة وتعديل عدد من البنود الواردة في الإعلان الدستوري الأخير، في محاولة لتحقيق توافق سياسي أوسع يشمل مختلف الأطراف الفاعلة في البلاد.


وبحسب مصادر مطلعة، تأتي هذه المفاوضات بعد اعتراض "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على إدراج مواد لم تكن ضمن الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه بين الطرفين في 10 آذار من العام الجاري. وتركز الاعتراضات على قضايا تتعلق بآليات الحكم المحلي، والحقوق الثقافية واللغوية، بالإضافة إلى التمثيل السياسي لمكونات المنطقة الشرقية والشمالية من سوريا.


ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من مسار تفاوضي جديد، يسعى إلى تجاوز الجمود السياسي الذي طبع العلاقة بين الطرفين لسنوات. كما يعكس التحرك الحالي تحوّلاً تدريجياً في المقاربة السياسية من المواجهة إلى الحوار، في ظل معطيات إقليمية ودولية متغيرة تعيد رسم خريطة التحالفات والمصالح في الملف السوري.


وقد أُعلن عن تشكيل لجنة متابعة مشتركة تضم ممثلين من الجانبين، تتولى دراسة البنود المختلف عليها، وطرح صيغ معدلة تضمن توازن المصالح، دون المساس بالثوابت الوطنية أو متطلبات اللامركزية الإدارية التي تطالب بها الإدارة الذاتية. ومن المتوقع أن تُعرض النتائج الأولية لهذه اللجنة خلال الأسابيع المقبلة، وسط حرص على إبقاء اللقاءات بعيداً عن التغطية الإعلامية المكثفة لحين نضوج التفاهمات.


وفي الوقت الذي لم تُعلن فيه الأطراف المعنية تفاصيل الاتفاق المرتقب، تشير الأوساط المتابعة إلى وجود مناخ سياسي أكثر مرونة، مدفوع بتغير في المواقف الدولية حيال مستقبل سوريا، خصوصاً في ظل تحسن العلاقات بين دمشق وعدد من العواصم العربية، إضافة إلى إشارات دعم غربي غير مباشر لأي مسار تفاوضي يفضي إلى حل سياسي شامل.


وتعتبر الإدارة الذاتية أن تعديل الإعلان الدستوري بالشكل الذي يضمن الاعتراف بحقوقها ومطالب مكوناتها، يشكل خطوة ضرورية نحو تسوية سياسية حقيقية. فيما تؤكد الحكومة السورية، بحسب المصادر، على أهمية الحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها، مع الانفتاح على صيغ جديدة للإدارة المحلية واللامركزية.


ما يجري هو محاولة جادة لفتح نافذة تفاهم سياسي تُعيد ترتيب العلاقة بين دمشق والإدارة الذاتية بعد سنوات من التوتر، وتُمهّد لمسار تفاوضي أوسع يمكن أن يشمل أطرافاً سياسية أخرى في المستقبل، إذا ما توافرت الإرادة السياسية والدعم الإقليمي والدولي اللازم.


وفي حال نجحت هذه التفاهمات، فقد تشكل أرضية أولية لإطلاق عملية سياسية داخلية أكثر شمولاً، تسهم في إعادة بناء الثقة بين المكونات السورية المختلفة، وتعزز فرص الاستقرار في البلاد بعد أكثر من عقد من النزاع.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 10