في خطوة تثير جدلًا واسعًا حول دوافعها السياسية، أعلنت إسرائيل خلال الأيام الماضية عن إجلاء عدد من الجرحى السوريين من أبناء الطائفة الدرزية إلى مستشفياتها، في الوقت الذي تشهد فيه مناطق جنوب سوريا توترًا متصاعدًا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن عشرة جرحى سوريين من الطائفة الدرزية نُقلوا إلى المركز الطبي "زيف" في مدينة صفد شمالي إسرائيل، مشيرًا إلى أن الإصابات وقعت داخل الأراضي السورية، دون تقديم أي تفاصيل إضافية حول ملابسات الحادثة أو طبيعة الجرحى.
هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها؛ إذ سبقتها عمليات مماثلة خلال الأسبوع الماضي، تتزامن جميعها مع نشر الجيش الإسرائيلي لقواته على الحدود الجنوبية لسوريا، بزعم حماية القرى الدرزية من "قوات معادية".
وفي الوقت الذي تروج فيه تل أبيب لخطواتها على أنها إنسانية، يرى مراقبون أنها تتدخل بشكل مباشر في الشأن السوري الداخلي، وتستخدم ورقة الطائفة الدرزية في سوريا كورقة ضغط سياسية وأمنية. وتأتي هذه التحركات وسط تصعيد ملحوظ من الجانب الإسرائيلي، شمل تنفيذ غارات جوية قرب القصر الجمهوري في دمشق، في 2 من أيار، وتهديدات بضرب أهداف حكومية سورية في حال ما سمّته "تعرض الدروز للعنف".
ويرى متابعون أن إسرائيل تحاول تقديم نفسها كـ"حامية" لطائفة بعينها داخل سوريا، وهو تدخل مكشوف يتجاوز الجانب الإنساني إلى محاولة خلق نفوذ داخل المشهد السوري بعد سقوط النظام السابق.
وفي بيان مشترك نهاية نيسان الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، إن الجيش استهدف "مجموعة مسلحة" كانت تخطط لمهاجمة "مجمع درزي"، ما يعكس توجهًا واضحًا نحو تبرير الغارات ضمن سردية الحماية الطائفية.
تجدر الإشارة إلى أن التوتر في مناطق درزية مثل السويداء وجرمانا وصحنايا، تصاعد عقب نشر تسجيل صوتي تضمن إساءة دينية، ورغم نفي الشيخ الذي نُسب إليه التسجيل، دخلت إسرائيل على خط الأزمة، بطريقة تثير التساؤلات حول أهدافها الحقيقية من "التعاطف المفاجئ".
وفي ظل هذه التطورات، انتشرت شائعات حول هبوط مروحية إسرائيلية في مطار بالسويداء مطلع أيار، وهو ما نفته مصادر محلية، إلا أن مجرد تداول مثل هذه الأنباء يعكس حجم القلق الشعبي من نوايا إسرائيل الحقيقية.
بين ادعاءات “الحماية” والتدخل الفعلي، تبدو إسرائيل مستمرة في استثمار هشاشة الوضع السوري لتحقيق مكاسب استراتيجية على حساب السيادة الوطنية والشعور الجمعي السوري.