غضب يشتعل في طرطوس

2025.05.05 - 11:58
Facebook Share
طباعة

 شهدت مدينة دريكيش بريف طرطوس حادثة مأساوية أثارت موجة من الغضب الشعبي، بعد مقتل شاب مدني إثر إطلاق النار عليه من قبل دورية تابعة للأمن العام، أثناء تنفيذ عملية مداهمة أمنية في المدينة.


وفق روايات متقاطعة من سكان المنطقة، فإن الضحية، وهو شاب من قرية "بقعو" المجاورة، كان يقود دراجته النارية في طريقه المعتاد لتوزيع الحليب، حين صادف وجود دورية أمنية في أحد الشوارع الفرعية. وتشير المصادر إلى أن الشاب لم يتوقف عند إشارة عناصر الدورية، ربما بسبب ارتباكه أو خوفه من مشهد غير مألوف لعناصر مسلحة، ما دفعهم لإطلاق النار عليه بشكل مباشر، فأردوه قتيلاً على الفور.


الضحايا، وفق أهالي قريته، كان معروفاً بسيرته الحسنة، ويُعد المعيل الوحيد لوالديه المريضين، أحدهما يعاني من مرض القلب والآخر من السكري. هذه التفاصيل الإنسانية أضفت طابعاً درامياً على الحادثة، وزادت من حدة الغضب المحلي، حيث عبّر العديد من السكان عن استيائهم من ما وصفوه بـ"الاستخدام المفرط للقوة"، مطالبين بفتح تحقيق شفاف ومحايد لتحديد المسؤوليات.


في تطور لاحق، أفادت مصادر محلية بأنه تم اعتقال ستة شبان من القرية ذاتها بطريقة وُصفت بالتعسفية، دون توجيه تهم واضحة أو توضيح رسمي بشأن مصيرهم حتى الآن، وهو ما زاد من حالة التوتر والاحتقان الشعبي.


هذه الحادثة تفتح الباب مجدداً للنقاش حول قواعد الاشتباك المستخدمة من قبل القوى الأمنية في سوريا، ومدى التزامها بمعايير التعامل مع المدنيين خلال عمليات المداهمة. وفي بلد يعاني أصلاً من تدهور الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية، تبرز الحاجة إلى مراجعة السياسات الأمنية، وتدريب العناصر على التمييز بين التهديد الفعلي والتصرفات المدنية غير المقصودة، خصوصاً في المناطق الريفية حيث تكون ردة الفعل أبطأ والاستجابة للأوامر الأمنية غير فورية.


ومن الناحية القانونية، يُعد إطلاق النار على شخص لمجرد عدم امتثاله الفوري أمراً يستدعي مساءلة، خاصة في حال غياب وجود تهديد مباشر. كما أن الاعتقالات الجماعية غير المعلنة تعكس إشكالية في الالتزام بأبسط معايير العدالة والإجراءات القضائية.


في ظل كل ذلك، تتصاعد دعوات محلية بضرورة فرض رقابة مستقلة على العمليات الأمنية، تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث، وتوفر آليات تعويض عادلة لضحايا الأخطاء الميدانية، منعاً لتحولها إلى شرارات قد تقوّض الاستقرار الاجتماعي في مناطق كانت تُعد آمنة نسبياً حتى وقت قريب.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 2