فوضى ليلية في دمشق تكشف هشاشة الأمن

سامر الخطيب

2025.05.05 - 11:45
Facebook Share
طباعة

 شهدت العاصمة السورية دمشق في الرابع من أيار/مايو 2025 يومًا متوترًا أمنيًا، بعد حادثتين منفصلتين أعادتا إلى الواجهة ملف الانفلات الأمني وتصاعد العنف في المناطق الحضرية، وسط تساؤلات واسعة حول فاعلية الأجهزة الأمنية وقدرتها على ضبط الأوضاع.


الحادثة الأولى وقعت في ساحة المحافظة وسط دمشق، حين اقتحم عناصر من مجموعات مسلّحة رديفة للجهات الأمنية أحد المطاعم المعروفة في المنطقة، وأطلقوا النار في الهواء في مشهدٍ ترهيبي، قبل أن يعتدوا على عدد من المدنيين بينهم نساء. المشهد وثّقته تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وأظهرت حالة من الفوضى والذعر في أوساط المتواجدين، وسط غياب ملحوظ لتدخل فوري من الجهات المعنية.


وقد أثار الحادث موجة غضب شعبية، دفعت بالقوى الأمنية لاحقًا إلى اعتقال العناصر المتورطة، وأعلنت أنها بدأت تحقيقًا لمحاسبة المعتدين. إلا أن هذا التحرّك جاء بعد الانتشار الواسع للفيديوهات، ما دفع مراقبين للتشكيك بجدّية هذه الاستجابة لولا الضغط الإعلامي والشعبي.


بعد ساعات فقط، وقع هجوم آخر في ملهى “الكروان” الليلي في منطقة الحجاز، حيث أطلق مسلحون مجهولون وابلاً من الرصاص أدى إلى مقتل راقصة وإصابة عدد من الأشخاص، قبل أن يفرّ الجناة من المكان دون تبني أي جهة للهجوم. وعلى إثر ذلك، فُرض طوق أمني على المنطقة، وشهدت العاصمة استنفارًا أمنيًا كبيرًا.


وتعد هذه الحوادث جزءًا من موجة أوسع من أعمال العنف الفردي والاغتيالات والتصفيات التي تسجل تصاعدًا مستمرًا منذ مطلع العام الجاري، حيث وثقت منظمات محلية مقتل 611 شخصًا في عموم البلاد، بينهم 27 امرأة وطفل، في حوادث مرتبطة غالبًا بدوافع انتقامية أو طائفية.


في دمشق وحدها، سجلت 20 حالة وفاة خلال الأشهر الأربعة الماضية، فيما تتصدر حمص وحماة وطرطوس القائمة من حيث عدد الضحايا، في ظل اتهامات مستمرة لعناصر فصائل مسلحة بالوقوف وراء قسم كبير من هذه الانتهاكات.


ويرى محللون أن تكرار مثل هذه الحوادث، خصوصًا في مناطق يُفترض أنها "آمنة"، يعكس هشاشة بنية النظام الأمني وتغوّل مجموعات السلاح غير النظامية، التي باتت تتحرك دون رادع فعلي. كما أن تأخر الاستجابة الأمنية، وربط التحرك بضغط الرأي العام، يعزز الشعور بانعدام الثقة لدى المواطنين.


ويحذر مراقبون من أن استمرار هذه الفوضى دون محاسبة جادة سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العاصمة، وتآكل ما تبقى من مظاهر الحياة المدنية، خاصة مع اتساع دائرة العنف العشوائي لتشمل أماكن ترفيهية وسياحية كالمطاعم والملاهي.


في ظل هذا الواقع، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل تستطيع السلطات استعادة السيطرة على الوضع الأمني؟ أم أن البلاد تتجه نحو مزيد من التفكك على مستوى الأمن المحلي والمجتمعي؟

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 9