نشرت صحيفة هآرتس العبرية افتتاحية بعنوان: "لا للمغامرة العسكرية الإسرائيلية على حساب دروز سوريا والرهائن"، حذّرت فيها الحكومة الإسرائيلية من الانجرار نحو توسيع رقعة الحرب لتشمل سوريا، تحديدًا مناطق وجود الدروز في الجنوب السوري، معتبرة أن ذلك يمثل مقامرة سياسية وعسكرية خطيرة لا تخدم المصالح الأمنية لإسرائيل، وقد تنقلب بنتائج عكسية على الداخل الإسرائيلي وعلى الطائفة الدرزية نفسها.
وقالت الصحيفة إن كل الحديث عن "تحالف تاريخي" مع الدروز لا يستند إلى أساس قانوني داخل إسرائيل نفسها، فـ"قانون القومية" الذي أقر عام 2018 لا يعترف بأي شراكة مع الدروز أو غيرهم، بل يمنح حق تقرير المصير حصريًا لليهود. وأضافت: "مع كل الاحترام للعلاقة التاريخية، إلا أن هذا التحالف غير منصوص عليه في قوانين الدولة، ولا يمكن استخدامه ذريعة لتدخلات عسكرية خارجية".
الدروز في سوريا ليسوا تابعين لإسرائيل
بحسب هآرتس، فإن الطائفة الدرزية في سوريا لا تعتبر إسرائيل حليفًا، بل تنظر إلى اتصالاتها مع تل أبيب – إن وجدت – كورقة ضغط سياسية تفاوض بها النظام السوري، وليس كخيار استراتيجي. وأكدت الصحيفة أن أي تدخل إسرائيلي مباشر في المناطق الدرزية جنوب سوريا سيفهم على أنه محاولة لفرض وصاية سياسية على هذه الأقلية، مما سيعرضهم لخطر العزل والتصفية من قبل الأطراف الأخرى داخل سوريا.
هآرتس شددت على أن "القيادة الدرزية في سوريا ترى في الرعاية الإسرائيلية ورقة تفاوض مع النظام، لا أكثر"، واعتبرت أن "التدخل الإسرائيلي يُلحق ضررًا مباشرًا بالطائفة التي تسعى لتثبيت موقعها في إطار دولة سورية موحدة".
النظام السوري استعاد شرعيته
وأكدت الصحيفة أن "النظام السوري الجديد نال بالفعل شرعية عربية ودولية"، وأن الأوضاع تغيرت جذريًا منذ بداية الحرب الأهلية. من هذا المنطلق، فإن محاولات إسرائيل لتقويض هذا الواقع من خلال التهديدات والضربات العسكرية لا تنسجم مع الوضع الإقليمي الجديد، بل تعرقل محاولات الاستقرار وتُحرج حلفاء إسرائيل في المنطقة، وعلى رأسهم الدول العربية.
فتح جبهة في سوريا مغامرة لا ضرورة لها
هآرتس اعتبرت أن أي محاولة لفتح جبهة في سوريا الآن، بالتوازي مع الحرب المستعرة في غزة، هي "مغامرة غير ضرورية". وكتبت: "في وقت لا تزال فيه الرهائن الإسرائيليون محتجزين في قطاع غزة، ولبنان على حافة انفجار، هل من الحكمة أن تُشعل الحكومة جبهة ثالثة في سوريا؟".
وشددت على أن إسرائيل يجب أن تركز أولًا على إنقاذ الأسرى من قبضة حماس في غزة، بدل التورط في معارك جديدة لا أفق واضحًا لها. ووصفت الخطاب السياسي والعسكري الذي يتحدث عن "حماية دروز سوريا" بأنه "مناورة محفوفة بالمخاطر" قد تجر البلاد إلى مواجهة شاملة في الشمال، في وقت تبدو فيه الجبهة الداخلية غير مستعدة لمثل هذا السيناريو.
التدخل قد يأتي بنتائج عكسية
في ختام افتتاحيتها، حذّرت الصحيفة من أن التدخل الإسرائيلي في جنوب سوريا قد يؤدي إلى عكس ما تسعى إليه تل أبيب، وذلك لأن إظهار الدروز كحلفاء لإسرائيل سيضر بموقعهم داخل المجتمع السوري، وسيقوض هدفهم في أن يكونوا جزءًا من دولة موحدة تحت سيطرة النظام.
واعتبرت الصحيفة أن "التدخل الإسرائيلي والتهديدات الموجهة للنظام لا تخدم مصالح إسرائيل الأمنية، بل تعزز الانقسام وتضع الطائفة الدرزية في موقع المتهم بالعمالة"، مشيرة إلى أن الدروز والنظام السوري على حد سواء يسعون إلى تأسيس سوريا موحدة، لا تفكيكها.
وختمت هآرتس بدعوة مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية: "كفى مغامرات. لا تُقحموا الدروز في لعبة الدم والنار. وأنقذوا الرهائن قبل أن تبحثوا عن حروب جديدة."