هل من رد على الاستفزازات الإسرائيلية في سوريا؟

سامر الخطيب

2025.05.04 - 03:25
Facebook Share
طباعة

 تستمر إسرائيل في تصعيد هجماتها على الأراضي السورية، مستخدمة الضربات الجوية والهجمات بواسطة الطائرات المسيرة كوسيلة للتأثير على الوضع السياسي والأمني في سوريا. هذه الهجمات لا تقتصر فقط على أهداف عسكرية؛ بل تحمل رسائل موجهة إلى عدة أطراف إقليمية ومحلية، أبرزها تركيا وسوريا، كما أنها تساهم في تعقيد الوضع في المنطقة.


التصعيد الإسرائيلي: دلالات ورسائل متعددة
منذ بداية النزاع السوري، كانت إسرائيل حريصة على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، عبر توجيه ضربات استباقية و"تحذيرية". في الفترة الأخيرة، نشطت إسرائيل في تنفيذ هجمات موجهة ضد أهداف في الداخل السوري، تحت مبرر مواجهة التهديدات الإيرانية ووجود حزب الله في الأراضي السورية. هذه الهجمات تمثل أكثر من مجرد عمليات عسكرية؛ إنها محاولات لتشكيل واقع جديد في سوريا، وفرض حدود للمصالح الإسرائيلية في هذا الصراع المعقد.


وفي هذا السياق، طرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، رؤية إسرائيلية جديدة تجاه سوريا، مؤكدًا أن إسرائيل لن تتوقف عن سياستها العسكرية حتى تحقق أهدافها الاستراتيجية، بما في ذلك تقسيم سوريا، إلى جانب تهجير الفلسطينيين من غزة وتجريد إيران من قدرتها النووية. هذه التصريحات تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تنوي توسيع نطاق تدخلاتها العسكرية في سوريا أو حتى العمل على تقسيم البلاد.


المواقف التركية والسورية: مواجهات دبلوماسية ومعضلات عسكرية
تقف تركيا اليوم أمام مفترق طرق حاسم. من جهة، تحاول الحفاظ على توازنها الدبلوماسي مع إسرائيل، مستفيدة من العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة ووجود ترامب في سدة الحكم. ومن جهة أخرى، تواجه تحديات عسكرية وأمنية في سوريا حيث باتت الضغوط الإسرائيلية متزايدة. التحدي الأكبر بالنسبة لأنقرة يتمثل في الحفاظ على مصالحها في سوريا دون أن تتعرض لضغوط عسكرية مباشرة من إسرائيل، وهو ما أصبح واضحًا في التصريحات الأخيرة التي تشير إلى تدخل إسرائيل المتزايد في الوضع السوري.


في المقابل، تقف سوريا في موقع حساس جدًا. بعد سنوات من النزاع الداخلي والتهديدات من الأطراف الخارجية، تعاني الحكومة السورية من صعوبة في مواجهة الهجمات الإسرائيلية التي تأتي في وقت يزداد فيه التوتر بين القوى الإقليمية. وبالرغم من التنسيق الأمني الذي كان قائمًا مع روسيا، فإن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تكشف عن هشاشة الوضع الأمني في سوريا وتضع دمشق أمام خيارات صعبة.


إسرائيل: استراتيجيتها في سوريا
الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا ليست جديدة، لكنها تتطور بشكل مستمر وفقًا للمتغيرات الميدانية والسياسية. هذه الهجمات لا تقتصر على مواجهة التهديدات العسكرية فحسب، بل تهدف إلى فرض هيمنة سياسية على الوضع السوري، وإبقاء سوريا في حالة فوضى وتدهور مستمر. من خلال هذا التصعيد، تسعى إسرائيل إلى الحفاظ على خططها الاستراتيجية في المنطقة، وتوجيه رسائل دائمة إلى اللاعبين الإقليميين والدوليين بأن إسرائيل لا تزال فاعلًا رئيسيًا في معادلة الصراع السوري.


المواقف الدولية: هل من دعم للموقف السوري؟
في هذا السياق، تبرز أهمية الدعم الإقليمي والدولي في مواجهة التحديات الإسرائيلية. سوريا تسعى إلى كسب دعم القوى الدولية. لكن حتى الآن، تبقى المواقف الدولية تجاه التصعيد الإسرائيلي غير واضحة، مما يعقد قدرة سوريا على اتخاذ موقف حاسم في مواجهة هذه التهديدات.


كما أن تركيا، بالرغم من علاقتها القوية مع الولايات المتحدة، تجد نفسها في موقف صعب أيضًا. ففي حين تحاول أنقرة الاستفادة من علاقاتها العسكرية والسياسية مع واشنطن، فإن إسرائيل قد تكون قد وضعت تركيا في موقف حساس، خاصة مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية في شمال سوريا.


السؤال الأهم: كيف سيرد السوريون؟
إذا استمرت إسرائيل في تصعيد الهجمات على الأراضي السورية، فإن الخيار الوحيد المتبقي أمام سوريا قد يكون اتخاذ تدابير عسكرية لردع هذه الهجمات. لكن هذا الخيار لا يخلو من المخاطر، إذ قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة، وهو ما قد يستغله العديد من اللاعبين الإقليميين والدوليين.


في النهاية، تبقى الخيارات أمام سوريا وتركيا في مواجهة الاستفزازات الإسرائيلية محدودة، فإسرائيل تسعى إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية، ودمشق وأنقرة تتسابقان لموازنة مصالحهما في المنطقة. المستقبل القريب قد يحمل الكثير من المتغيرات، لكن العوامل السياسية والأمنية ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 8