إسرائيل والجنوب السوري: حماية أم تمهيد للسيطرة؟

رزان الحاج

2025.05.03 - 12:42
Facebook Share
طباعة

 شنت إسرائيل في الأيام الأخيرة غارة جوية قرب القصر الرئاسي في دمشق، بالتوازي مع ضربات أخرى استهدفت مواقع تابعة للقوات الجديدة في سوريا، وذلك في ظل تصاعد التوترات الطائفية، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية الدرزية جنوب البلاد. وقد جاءت هذه العمليات عقب تظاهرات نظمها دروز داخل إسرائيل احتجاجاً على ما وصفوه بالعنف الطائفي المتزايد ضد أبناء طائفتهم في سوريا، ما شكل غطاء سياسياً لتحرك تل أبيب عسكرياً.


وفي وقت اعتبرت فيه إسرائيل أن الضربات رسالة واضحة للسلطة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، فإن هذه الخطوات تشير إلى سياسة ردع استباقية تهدف، وفق مراقبين، إلى ترسيخ نفوذ إسرائيلي مباشر أو غير مباشر في جنوب سوريا.


حماية الدروز: ذريعة إنسانية أم مصلحة استراتيجية؟
على السطح، تبدو تل أبيب وكأنها تتحرك بدافع إنساني لحماية الطائفة الدرزية، وهي مكوّن ديني تمتد جذوره إلى الأراضي السورية، ويقطن عشرات الآلاف من أفراده في مرتفعات الجولان المحتلة. لكن هذا الخطاب يخفي خلفه أهدافاً أوسع تتعلق بإعادة رسم المشهد الأمني والسياسي في الجنوب السوري بما ينسجم مع مصالح إسرائيل بعد تحولات ما بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.


ويرى محللون أن أعمال العنف التي طالت الطائفة الدرزية في عدة مناطق، والتي اتُهمت بها مجموعات تابعة للنظام الجديد، وفّرت لإسرائيل فرصة للتحرك ضمن مظلة "الدفاع عن الأقليات"، وهي استراتيجية سبق أن استخدمتها في مراحل تاريخية سابقة لفرض وقائع على الأرض.


السلطة الجديدة: تحديات الداخل وضغوط الخارج
من جانبها، تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات بالغة في ضبط فصائلها المسلحة، خصوصاً في الجنوب، حيث تفيد تقارير بأن بعض المجموعات لا تزال تعمل خارج إطار القيادة المركزية، وتحتفظ بارتباطات فكرية وعسكرية مع تنظيمات متشددة. ويفرض هذا الواقع قيوداً على قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمات الطائفية، أو تهدئة المناطق المتوترة.


وبينما تسعى السلطة الجديدة إلى كسب ثقة الداخل والمجتمع الدولي، عبر التأكيد على خطاب الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، فإن الانتقادات المتزايدة بشأن الانتهاكات التي ترتكبها بعض المجموعات المسلحة التابعة لها تقوّض من مصداقيتها، وتمنح خصومها، وعلى رأسهم إسرائيل، الذرائع للتدخل.


إسرائيل والفرصة الدولية
تحاول تل أبيب أيضاً استغلال حالة السيولة السياسية في سوريا، والفراغ النسبي في الترتيبات الدولية بشأن مستقبل البلاد، لتعزيز وجودها عبر دعم أطراف محلية أو التلويح بالتدخل المباشر. وتراهن إسرائيل على إقناع حلفائها، لا سيما الولايات المتحدة، بأنها طرف "ضامن" لأمن الأقليات، مما يمنحها مساحة أوسع من المناورة في الملف السوري، في مواجهة قوى إقليمية مثل تركيا، التي تسعى بدورها إلى توسيع نفوذها في الشمال السوري.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6