خطاب طائفي يهدد التماسك المجتمعي في سهل الغاب

سامر الخطيب

2025.04.24 - 11:19
Facebook Share
طباعة

 تشهد بعض المناطق السورية تصاعداً ملحوظاً في الخطابات التحريضية ذات الطابع الطائفي، والتي باتت تشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي في البلاد. وقد تم تداول صورة حديثة تُظهر أحد الشخصيات المحلية وهو يروّج لسلوكيات انتقامية، مع التركيز على تحميل مجموعات سكانية من طائفة معينة مسؤولية الأوضاع العامة، في مشهد ينذر بمخاطر الانزلاق نحو مزيد من الانقسام المجتمعي.


الصورة المتداولة، والتي تم التقاطها في بلدة ضمن منطقة سهل الغاب، تتضمن عبارات تحريضية وتدعو إلى تغيير أسماء قرى مهجرة لأغراض يُعتقد أنها ذات أبعاد انتقامية وطائفية. ويُشار إلى أن هذه الممارسات جاءت في أعقاب تهجير سكان قرية سورية من طائفة بعينها، تحت ذرائع مرتبطة بانتماءات سياسية.


هذا النوع من الخطاب لا يعدّ فقط تعبيراً عن رفض للآخر، بل يُسهم في تكريس حالة الاستقطاب ويقوّض الجهود الرامية إلى بناء مجتمع متماسك يقوم على أسس المواطنة المتساوية، بعيداً عن التصنيفات الطائفية أو العرقية. إذ لطالما كانت سوريا، بمكوناتها المتنوعة، أرضاً لتعدد الهويات والانتماءات، ما يجعل أي محاولة لاستغلال البنية المجتمعية في سياق الصراع، خطوة بالغة الخطورة.


تؤكد الأوساط الحقوقية والمجتمعية أن التحريض الطائفي، مهما كانت دوافعه، يسهم في إعادة إنتاج العنف، ويفتح المجال أمام سلسلة من ردود الأفعال الانتقامية التي قد تجر البلاد إلى مزيد من التأزم والانقسام. كما أن استخدام مفردات تعزز الكراهية أو تنتقص من فئة اجتماعية معينة، يتنافى مع مبادئ التعايش والعدالة.


ويرى مراقبون أن مواجهة هذه الظواهر تتطلب موقفاً وطنياً شاملاً، يبدأ من التنديد العلني بمثل هذه التصرفات، ويمر عبر الأطر القانونية والاجتماعية لمعالجتها، وصولاً إلى ترسيخ ثقافة الحوار والانفتاح. كما أن تفعيل أدوات العدالة الانتقالية يشكّل ركيزة أساسية لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات، وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية تقوم على الإنصاف والمحاسبة.


وتتجدد الدعوات لكافة الفاعلين، سواء على المستوى الرسمي أو الأهلي، للتحرك الفوري في وجه مثل هذه الخطابات، والعمل على تعزيز ثقافة المواطنة الجامعة، بعيداً عن التجييش أو الاستثمار في التمايزات الدينية أو الطائفية. فاستقرار البلاد ومستقبلها لا يمكن بناؤه على أسس الإقصاء، بل على قيم التعدد والوحدة والعيش المشترك.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8