في ظل تصاعد الإجراءات العقابية تجاه المشاركين في المظاهرات المؤيدة لفلسطين، بات الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية يعيشون تحت وطأة الخوف، حيث أصبحوا يتجنبون التعبير عن آرائهم خشية فقدان تأشيراتهم أو التعرض للترحيل.
وشهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في القيود على حرية التعبير داخل الحرم الجامعي، خاصة بعد أن فعّلت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سياسات تستهدف طلابًا أجانب شاركوا في احتجاجات داعمة للقضية الفلسطينية، وصولًا إلى إلغاء التأشيرات لبعضهم وبدء إجراءات ترحيلهم.
الخوف يكمّم الأفواه
في جامعة هارفارد العريقة، التي تضم قرابة 6800 طالب أجنبي (يشكلون نحو 27% من طلابها)، عبّر طلاب عن شعورهم المتزايد بعدم الأمان نتيجة هذه السياسات. فقد أحجم كثيرون عن المشاركة في مظاهرات مناهضة لقطع التمويل عن الجامعات أو مؤيدة لغزة، خوفًا من الملاحقة.
حتى من شاركوا، حرصوا على إخفاء وجوههم، وتجنّبوا الظهور على وسائل الإعلام أو نشر آرائهم عبر الإنترنت.
وتقول إدارة الجامعة إنها تحاول طمأنة الطلاب عبر رسائل إلكترونية تحت عنوان "اعرف حقوقك"، إضافة إلى عقد ندوات قانونية تجيب عن استفساراتهم، لكن ذلك لم يمنع القلق من التفاقم.
قصص طلاب يواجهون المجهول
قابلت وكالة الأناضول طلابًا أجانب في هارفارد، لكن معظمهم رفض الحديث على الكاميرا. فقد أثارت حالات اعتقال لطلاب شاركوا في مظاهرات مؤيدة لغزة –منهم الفلسطينيان محمود خليل ومحسن مهداوي، والتركية رميساء أوزتورك– حالة من الذعر بين أقرانهم الأجانب.
قال طالب فرنسي من أصل مغاربي: "دعمتُ بعض الاحتجاجات بالتصفيق، وشاركت منشورات على مواقع التواصل، لكنني لم أعد أنشر شيئًا جديدًا. لا نعرف ما الذي قد يُستخدم ضدنا".
وأضاف أنه قرر عدم مغادرة الولايات المتحدة لقضاء عطلة الصيف خوفًا من منعه من العودة.
أما طالب إيطالي، فأكد أن الإجراءات الأميركية لم تعد تميز بين جنسيات أو أديان، وأن الخوف الحقيقي أصبح يطال الجميع، رغم أن الطلاب المسلمين يواجهون تهديدًا أكبر.
طالب عربي آخر تحدث عن اعتقاده بأن الحكومة الأميركية تستخدم تقنيات رقمية لمراقبة الطلاب الداعمين لفلسطين، مشيرًا إلى إمكانية وصول السلطات إلى بيانات الهواتف والكاميرات الأمنية في الجامعات.
أداة قمع عبر التمويل والتأشيرات
تحتل جامعة هارفارد المرتبة الأولى عالميًا بفضل تمويل حكومي ومنح ضخمة. لكن إدارة ترامب قامت بتجميد تمويلات تُقدر بـ2.2 مليار دولار، وأوقفت 60 مليون دولار من عقود خاصة بالجامعة، بهدف الضغط عليها لمنع أي مظاهرات مناصرة لفلسطين.
وفي تطور أخير، فتحت الإدارة الأميركية تحقيقًا حول كيفية استخدام أكثر من 8.7 مليارات دولار من منح تلقتها الجامعة، في محاولة لتقليص المساحة المتاحة للنشاط السياسي الطلابي.
ورغم المعارك القضائية الجارية بين إدارات الجامعات والحكومة الفدرالية، يرى الطلاب أن الخطر الأكبر على حرية التعبير يتمثل في سحب التأشيرات وترحيل المشاركين في الحراك الطلابي المؤيد لغزة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بدعم أميركي، تشتد قبضة الرقابة والقمع داخل الجامعات الأميركية، التي لطالما اعتُبرت رمزا لحرية الفكر والتعبير.