شهدت سوريا خلال شهر آذار الماضي ارتفاعًا في عدد الضحايا المدنيين، وفق ما وثقته تقارير حقوقية، في مشهد يعكس تفاقم العنف وتوسع رقعة الانتهاكات، وسط تدهور أمني وإنساني متواصل في معظم المناطق.
أكثر من 1500 قتيل خلال شهر واحد
وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 1562 شخصًا، بينهم 102 طفل و99 سيدة، بالإضافة إلى 33 من الكوادر الطبية. وتُعد هذه الحصيلة من الأعلى منذ أشهر، مما يسلط الضوء على تدهور الحماية المدنية وتكرار الانتهاكات.
أغلب القتلى سقطوا في مناطق الساحل السوري نتيجة تصاعد العمليات العسكرية، حيث قُتل 1334 شخصًا، بينهم 60 طفلًا و84 سيدة. ويأتي ذلك بالتوازي مع استمرار الهجمات من قِبل مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة.
المدنيون يدفعون الثمن الأكبر
يشير التقرير إلى مقتل 277 مدنيًا في سياقات متعددة، توزعت المسؤولية عنها بين الحكومة السورية، “قسد”، ومجموعات مسلحة أخرى. وبلغت أعداد الضحايا جراء ألغام أرضية مجهولة المصدر مستوى مقلقًا، وسط غياب أي جهود لكشف مواقعها أو تحذير السكان منها.
وفي مشهد يكرس الفوضى، تعرضت منشآت طبية ومراكز مدنية لـ11 حادثة اعتداء، ستة منها على منشآت طبية، في مخالفة واضحة لقواعد حماية المرافق الإنسانية أثناء النزاعات.
جرائم حرب وتجاوزات ممنهجة
أشار التقرير إلى أن “قسد” مارست قصفًا عشوائيًا غير متناسب، ما يعد خرقًا للقانون الدولي الإنساني. كما اتُّهمت بتمركز قواتها داخل مناطق سكنية، مما عرض المدنيين للخطر أثناء الرد العسكري من قبل القوات التركية، التي بدورها وُجهت إليها انتقادات بسبب عدم التزامها بمبدأ التناسب في ضرباتها.
إلى جانب ذلك، استُخدمت التفجيرات عن بُعد بشكل متعمد ضد مناطق مكتظة، وهو ما يُظهر نية واضحة في استهداف المدنيين، في انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة.
دعوات للمساءلة والحماية الشاملة
الشبكة السورية طالبت الحكومة الجديدة باتخاذ خطوات فورية في مجال المساءلة والعدالة الانتقالية، والعمل على حماية المدنيين والأدلة، ومعالجة ملفات الاعتقال التعسفي والمفقودين. كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل عبر تفعيل الآليات القضائية الدولية، وتوسيع عمليات إزالة الألغام، ودعم المصالحة الوطنية بعيدًا عن المقايضات السياسية.
غياب المساءلة يعمّق الأزمة
رغم تعدد الفاعلين والانتهاكات، لا تزال المساءلة غائبة، ما يعزز حالة الإفلات من العقاب، ويكرّس دورة العنف. ومع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين، يبدو أن حماية الحياة في سوريا باتت منسية في زحام الصراع السياسي والعسكري المستمر.