شربل الغريب: هذه خلفيات زيارة اورتاغوس وهذه نتائجها

اجرى الحوار احمد درويش

2025.04.07 - 01:06
Facebook Share
طباعة

في ظل أجواء مشحونة بالتهويل السياسي والتصعيد العسكري، جاءت زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، لتضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الضغوط على لبنان، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة وما تبعها من اعتداءات متواصلة. لم تكن الزيارة مجرّد محطة دبلوماسية عابرة، بل حملت في طياتها رسائل واضحة، وتحركات محسوبة ضمن إطار الحرب النفسية والسياسية. لفهم أبعاد هذه الزيارة ومآلاتها، حاورنا الخبير في الشؤون السياسية الدكتور شربل الغريب.


س: دكتور شربل، ما هي القراءة الأولية التي تقدمها لزيارة مورغان أورتاغوس الأخيرة إلى بيروت؟
ج: الزيارة تأتي استكمالاً لما بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وتحديدًا بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني. الجو كان مشحونًا بالتهديدات، والرسائل السياسية-العسكرية واضحة. هذه الزيارة ليست منفصلة عن التصعيد الإسرائيلي، بل يمكن القول إن الغارات الأخيرة على الضاحية الجنوبية مهّدت لها، خصوصًا مع اغتيال الشهيد حسن بدير الذي كان ضمن لائحة الاستهداف بسبب نشاطه الجهادي.

 

س: هل تعتقد أن هذه الزيارة تحمل بعدًا استراتيجيًا؟
ج: بالتأكيد. الأميركي أراد أن يقول للبنان: أمامكم خياران لا ثالث لهما، إما الرضوخ للإملاءات الأميركية، وإما استمرار وتوسّع الاعتداءات الإسرائيلية. وهناك تناغم واضح بين الموقف الأميركي والتحرك الإسرائيلي. الضغوط متعددة الأوجه: أمنيّة، سياسية، إعلامية، وصولًا إلى الحرب النفسية، وكلها تهدف إلى إضعاف المقاومة.

 

س: لماذا كل هذا التركيز على سلاح المقاومة في هذا التوقيت بالذات؟
ج: سلاح المقاومة دائمًا في الصدارة. الأميركيون ومعهم خصوم حزب الله في الداخل يربطون ملف السلاح بكل الاستحقاقات: الرئاسة، الحكومة، الإصلاحات، وغيرها. يريدون فرض تسوية شاملة يكون فيها نزع السلاح هو الثمن، وهذا مرفوض. المقاومة ترى أن هذا السلاح هو خط الدفاع الأول والأخير عن لبنان، خاصة في ظل انهيار الإقليم.

 

س: البعض يرى أن حزب الله لم يتأثر بالحرب الأخيرة، وأنه لا يزال قوة وازنة. هل تتفق؟
ج: طبعًا. الأداء الأميركي والإسرائيلي يعكس إدراكًا بأن حزب الله ما زال يشكّل قوة ردع حقيقية. الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق أي هدف استراتيجي خلال الحرب الأخيرة، لا القضاء على المقاومة ولا حتى إضعافها، بل على العكس، المقاومة ظهرت أقوى وأكثر تنظيمًا، وهذا أربك واشنطن وتل أبيب معًا.

 

س: وماذا عن الساحة الداخلية؟
ج: هناك من في الداخل اللبناني يتماهى مع المشروع الأميركي – الإسرائيلي. تجنّد هؤلاء لتأجيج التوتر الداخلي، بهدف خلق بيئة ضاغطة على المقاومة. لكن الحقيقة أن هؤلاء لا يمثلون المزاج الشعبي العام. في المقابل، أهل المقاومة يدركون طبيعة المرحلة ويتعاملون معها بحذر إستراتيجي.

 

س: كيف تقيّمون الفروقات بين زيارة أورتاغوس الأولى إلى بيروت، وزيارتها الأخيرة؟
ج: أكثر من شخصية على تواصل مع الأميركيين لاحظت تغيّرًا في مقاربة أورتاغوس. باتت أكثر دراية بالتفاصيل اللبنانية، وأكثر واقعية. يبدو أنها اطّلعت على تقارير استخباراتية أميركية حول توازن القوى في الداخل، وواقعية تحركات حلفاء واشنطن، وهذا جعلها تعتمد لهجة أكثر مرونة – نسبيًا – مع استمرار التمسك بالأهداف الأساسية.

 

س: وهل تغيّر موقفها من سلاح المقاومة؟
ج: أبدًا. موقفها لا يزال كما هو، لكن التغير هو في المقاربة. أورتاغوس باتت تدرك أن لبنان دخل مرحلة جديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، وأن هناك مؤسسات دستورية لا يمكن القفز فوقها. هي تفهم الآن أن المشهد في لبنان أكثر تعقيدًا مما كانت تظنه.

 

س: وما هي الجهة الأميركية التي تتحكم فعليًا بملف لبنان؟
ج: الملف لا يزال بيد البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، وليس وزارة الخارجية. طوال عهد بايدن، بلينكن لم يزر لبنان ولم يهتم به، وكان الملف بيد هوكشتين. هذا الوضع مستمر حتى اليوم. حتى السفير الجديد ميشال عيسى تم اختياره مباشرة من قبل إدارة ترامب، خارج المسار الطبيعي للدبلوماسية الأميركية، ما يدل على حساسية الملف.

 

س: في ظل كل هذه الضغوط، ما هو المطلوب من القوى الرسمية في لبنان؟
ج: عليهم أن يدركوا حجم المخاطر. على المسؤولين أن يقولوا علنًا إن بعض المطالب الأميركية خطيرة على الاستقرار اللبناني، وإن نزع سلاح المقاومة يعني فتح البلاد أمام أي عدوان إسرائيلي. لبنان اليوم أحوج ما يكون للمقاومة، لأنها ضمانة المستقبل، لا عبء عليه.

س: أخيرًا، ما هي الرسالة الأساسية التي تريدون إيصالها؟
ج: لا يمكن القبول برهن أمن لبنان ومصيره بيد شخصيات تتماهى مع أولويات الخارج. البيئة الإقليمية في فلسطين وسوريا تتغيّر بسرعة، والمخاطر تتصاعد. وحدها المقاومة، بصلابتها ورؤيتها، قادرة على حماية البلد، مهما اشتدت الضغوط. والمسؤولية تقع على الجميع، لا فقط على جمهور المقاومة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 1