أعمال العنف الطائفي في سوريا لا يزال يهدد السلم الأهلي

سامر الخطيب

2025.04.06 - 10:41
Facebook Share
طباعة

 رغم المناشدات الدولية المتكررة والدعوات لوقف التحريض الطائفي في سوريا، تتواصل عمليات القتل والإعدامات الميدانية ذات الطابع الطائفي، في مشهد ينذر بانفجار مجتمعي أوسع، ويفتح أبواب الحرب الأهلية على مصراعيها، خاصة في المناطق التي تعيش على تماس طائفي حساس، مثل ريف بانياس، حمص، وريف حماة.


في اليوم الأول من عيد الفطر، الاثنين 31 آذار، وقعت جريمة مروعة راح ضحيتها الطفل إبراهيم شاهين، الذي قُتل بدمٍ بارد في قرية حرف بنمرة بريف بانياس، محافظة طرطوس. انتشار صورة الطفل بعد مقتله، وهو يرتدي بنطالًا مشدودًا بحبل بدلاً من حزام، أشعل موجة غضب شعبية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعكست الحالة المعيشية المأساوية التي يعاني منها السكان، فضلًا عن بشاعة الجريمة.


ومنذ ذلك التاريخ، توالت الهجمات التي استهدفت مدنيين، معظمهم من الطائفة العلوية، في سلسلة عمليات ممنهجة نفذها مسلحون مجهولون، توزعت على أكثر من محافظة، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 22 شخصاً، بينهم أطفال، وشيوخ، وموظفون مدنيون.


الهجوم الأبرز وقع في قرية حرف بنمرة نفسها، حيث اقتحم مسلحون ملثمون، المنطقة، مرددين شعارات طائفية، قبل أن ينفذوا الهجوم الدموي الذي أودى بحياة ستة مدنيين بينهم مختار القرية والطفل إبراهيم، مع إصابة عدد آخر بجروح خطيرة. وأفادت شهادات محلية بأن المهاجمين عادوا إلى القاعدة العسكرية ذاتها عقب تنفيذ العملية، وسط غياب أي تدخل أمني يُذكر.


امتدت دائرة العنف إلى مناطق أخرى، ففي ريف حمص، تم العثور على جثة شاب مذبوح ومصاب بطلقات نارية، بعد أن تلقى تطمينات من جهات محسوبة على فصائل مسلحة. وفي حماة، قُتل شاب وطفل على يد مسلحين يستقلون سيارة، أثناء توجههما لجلب الحليب من قريتهما، فيما لقي شاب آخر مصرعه في هجوم مشابه بنفس المحافظة.


وفي تصعيد خطير، تم العثور على جثث خمسة أفراد من عائلة واحدة في مشفى الوعر بحمص، بعد اختطافهم من منزلهم. وتوالت الحوادث، حيث قُتل شقيقان في طرطوس، وتم اختطاف أربعة شبان آخرين في المنطقة ذاتها.


هذه الأحداث تترافق مع تصاعد خطاب الكراهية الطائفي في بعض المنابر الدينية والإعلامية، مما يُغذي أجواء الانتقام والتحشيد الطائفي. كما وثقت جهات حقوقية مستقلة تنفيذ مئات عمليات الإعدام على خلفيات طائفية، خلال شهر آذار الماضي وحده، وسط تقاعس الجهات الرسمية والدينية عن إصدار مواقف واضحة تُدين التحريض وتُجرّم الفتنة.


وفي الوقت الذي تتعاظم فيه الكارثة الإنسانية، تُعاني المنظمات الإغاثية من صعوبات في الوصول إلى المناطق المتأثرة، بسبب الانفلات الأمني وتعقيدات السيطرة، مما يضاعف من معاناة المدنيين ويُحوّل القرى إلى ساحات للموت والرعب الجماعي.


إن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم لا يُبرر، بل يُحمّله مسؤولية مضاعفة في حماية المدنيين ومنع انزلاق البلاد إلى جحيم الحرب الطائفية المفتوحة. المطلوب اليوم تحرك عاجل، سياسي وإنساني، لإنقاذ ما تبقى من نسيج اجتماعي سوري، قبل فوات الأوان.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8