من هو مفتي سوريا الجديد؟

رزان الحاج

2025.03.29 - 01:26
Facebook Share
طباعة

 أصدر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في يوم الجمعة 28 من آذار، قرارًا بتشكيل مجلس أعلى للإفتاء في سوريا، برئاسة الشيخ أسامة الرفاعي. يضم المجلس 14 عضوًا من أبرز علماء الشريعة والدعاة في سوريا، من بينهم الشيخ علاء الدين القصير، الدكتور خير الله طالب، الشيخ محمد راتب النابلسي، وغيرهم من الأسماء اللامعة في المجال الديني.


ويعد المجلس الأعلى للإفتاء مكملًا مهمًا للمسار الديني في سوريا بعد سنوات من التدهور والانقسامات التي شهدها البلد. وتتمثل المهام الأساسية للمجلس في إصدار الفتاوى الشرعية الخاصة بالقضايا المستجدة والنوازل، بالإضافة إلى الإشراف على دور الإفتاء في مختلف المحافظات السورية. كما تشمل صلاحياته تعيين المفتين في المناطق المختلفة، وتنظيم لجان الإفتاء، فضلاً عن دعم المؤسسات الدينية بالاستشارات اللازمة.


وتُتخذ قرارات المجلس بالأغلبية، وفي حالة تعادل الأصوات، يقوم الرئيس الشيخ أسامة الرفاعي بالترجيح، وهو ما يعكس الطابع المتوازن للمجلس، ويضمن أخذ جميع الآراء بجدية واحترام.


خلال مراسم تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتيًا عامًا لسوريا، صرح الرئيس أحمد الشرع قائلاً: "لطالما كانت الشام منبرًا علميًا وحضاريًا ودعويًا، يصدر منه الخير لعامة الأمة". وأضاف أن حكومة سوريا الجديدة تسعى لبناء الدولة من خلال استعادة كافة المناصب التي كانت قد سقطت تحت وطأة النظام السابق، ومن بينها منصب المفتي العام، الذي سيكون تحت إشراف الشيخ أسامة الرفاعي.


أشار الشرع إلى أن المجلس يسعى إلى ضبط الخطاب الديني بشكل معتدل يجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع الحفاظ على الهوية الدينية، وهو ما سيؤدي إلى الحد من الخلافات التي تفضي إلى الفرقة، وكذلك اجتثاث أي تطرف أو تعصب.


من هو الشيخ أسامة الرفاعي؟
الشيخ أسامة الرفاعي، الذي أصبح في 28 من آذار 2025 مفتيًا عامًّا للجمهورية السورية ورئيسًا للمجلس الأعلى للإفتاء، هو عالم سوري معروف، ولد في دمشق عام 1944. وهو ينحدر من أسرة دينية معروفة، حيث كان والده الشيخ عبد الكريم الرفاعي أحد كبار العلماء في دمشق. تلقى الشيخ أسامة دراسته في جامعة دمشق، وتخصص في اللغة العربية وآدابها، إضافة إلى تلقيه العلوم الشرعية على يد والده وعدد من كبار العلماء في دمشق.


أصبح الشيخ أسامة الرفاعي من الشخصيات البارزة في سوريا، وعرف بمعارضته للنظام السوري منذ بداية الثورة السورية في عام 2011. كان يرفض استخدام النظام للقوة في قمع المظاهرات السلمية، وصار المسجد الذي يخطب فيه وجهة للعديد من المعارضين. تعرض لاعتداءات من قبل قوات الأمن السوري، حيث تعرض للضرب في رأسه ويده في أغسطس 2011، ما أجبره على مغادرة البلاد.


انتقل الشيخ أسامة إلى مصر ثم إلى تركيا حيث استقر في مدينة إسطنبول، وأصبح من الشخصيات المؤثرة في العمل الإسلامي السوري. ترأس "المجلس الإسلامي السوري"، الذي تأسس في عام 2014، وهو هيئة شرعية تهدف إلى تقديم حلول للقضايا الدينية والاجتماعية في سوريا. كما شغل منصب مفتي عام سوريا في عام 2021 من قبل المعارضة السورية.


مواقف الشيخ أسامة الرفاعي
أصبح الشيخ أسامة الرفاعي رمزًا من رموز المعارضة السورية بسبب مواقفه الجريئة من النظام السوري. كان من أول الدعاة الذين جهروا بتأييد الثورة السورية ورفضوا القمع الذي مارسه النظام بحق المتظاهرين السلميين. ولم يقتصر دوره على الدعوة والفتوى، بل كان من الداعمين للعمل العسكري ضد النظام في بدايات الثورة، وقدم الدعم للجيش الحر والفصائل المعارضة.


كما كان الشيخ الرفاعي من أبرز العلماء الذين أدانوا الفكر التكفيري والتطرف الذي ساد بعض أوساط المعارضة، وندد بظهور تنظيمات مثل "داعش"، مؤكدًا على أن سوريا بحاجة إلى دعم معنوي ومادي من الداخل وليس من الخارج.


تعتبر عودة الشيخ أسامة إلى دمشق في بداية عام 2025 بعد غياب دام سنوات علامة فارقة، حيث يعكس القرار تكريس دور العلماء في بناء سوريا المستقبلية. ورغم الضغوط والتحديات، يواصل الرفاعي مسيرته في خدمة قضايا الشعب السوري والعمل على تحقيق السلام والاستقرار في ظل الدولة الجديدة التي تسعى الحكومة السورية لبنائها.


من خلال تشكيل المجلس الأعلى للإفتاء وتعيين الشيخ أسامة الرفاعي، تعكس الحكومة السورية توجهًا نحو تجديد الخطاب الديني والشرعي بما يتماشى مع روح العصر، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية في مواجهة التحديات القادمة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 1