عودة تاريخية: مسيحيو ريف جسر الشغور يعودون إلى قراهم
شهد ريف جسر الشغور في محافظة إدلب حدثًا استثنائيًا تمثل في عودة عشرات المواطنين من أتباع الديانة المسيحية إلى قراهم بعد أكثر من عقد من الزمن. حيث عاد السكان إلى منازلهم في قرى اليعقوبية والقنية والجديدة، برفقة المطران حنا جلوف، وذلك بعد نزوح قسري دام منذ عام 2013 بسبب الصراع المسلح.
خلفية النزوح
مع اندلاع الأزمة السورية، اضطرت معظم العائلات المسيحية في إدلب وريفها إلى مغادرة منازلها، لا سيما بعد تصاعد حدة العنف. وبحسب مصادر مطلعة، كان عدد السكان المسيحيين في إدلب وريفها قبل عام 2015 يقارب 20 ألف نسمة، موزعين في مدينة إدلب وأربع قرى رئيسية: اليعقوبية، القنية، الغسانية، والجديدة. إلا أن هذا العدد بدأ بالتراجع بشكل حاد، حتى وصل إلى ما بين 300 و500 شخص فقط، معظمهم من كبار السن.
جهود تأمين العودة
خلال السنوات الأخيرة، عملت "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على إدلب، على الحد من نفوذ الفصائل الجهادية الأجنبية في هذه القرى، واتخذت إجراءات لإعادة بعض الممتلكات إلى أصحابها الأصليين. وتأتي هذه الخطوات في إطار مساعي الهيئة لتحسين صورتها وإظهار مزيد من الانفتاح تجاه الأقليات الدينية.
كما لعب رجال الدين المسيحي، وعلى رأسهم المطران حنا جلوف، دورًا محوريًا في تسهيل العودة وتأمين ضمانات للأهالي، لضمان استقرارهم في قراهم دون التعرض لأي مضايقات.
تحديات العودة وإعادة الإعمار
رغم عودتهم، لا تزال العائلات المسيحية تواجه العديد من التحديات، أبرزها:
- إعادة الإعمار: الكثير من المنازل والممتلكات تعرضت للتخريب أو الاستيلاء، مما يجعل إعادة تأهيل البنية التحتية ضرورة ملحّة.
- الأمان والاستقرار: يبقى الهاجس الأمني أحد أكبر المخاوف.
- الوضع الاقتصادي: تعاني المنطقة من تدهور اقتصادي حاد، مما يجعل من الصعب على العائدين إعادة بناء حياتهم من جديد.
- الخدمات الأساسية: يحتاج السكان إلى تأمين الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم، وهي خدمات محدودة في ظل الظروف الراهنة.
على الرغم من أن عودة المسيحيين إلى ريف جسر الشغور تمثل خطوة إيجابية، إلا أنها لا تزال في مراحلها الأولى، وتواجه تحديات كبيرة تتطلب جهودًا محلية ودولية لضمان استدامتها. ويبقى السؤال المطروح: هل ستكون هذه العودة بداية لعودة أوسع للمسيحيين المهجرين في مناطق أخرى، أم أنها مجرد استثناء محدود في ظل استمرار التعقيدات السياسية والأمنية؟
