شهدت بلدة صحنايا في ريف دمشق توترًا أمنيًا على خلفية حادثة فردية تطورت إلى اشتباكات مسلحة بين أبناء محافظتي دير الزور والسويداء. تسببت هذه الأحداث بقلق واسع بين السكان، في ظل انتشار الشائعات والتضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بداية الحادثة
وفقًا لمصادر محلية متعددة، وقعت المشاجرة عندما حاول شاب من أبناء دير الزور المرور مع شقيقته قرب حاجز البريد في بلدة صحنايا، حيث تعرض لاعتداء من قبل مجموعة من الشبان من أبناء السويداء. تدخلت شقيقته في محاولة للدفاع عنه، لكنها تعرضت للاعتداء أيضًا، مما أدى إلى تصاعد الخلاف.
في المقابل، أُثيرت مزاعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الشاب الذي اعتدى على الفتاة كان "درزيًا"، وأنه قام بنزع نقابها أثناء المشاجرة. هذه المزاعم ساهمت في تأجيج التوتر وزيادة حدة الاحتقان بين الطرفين.
تصاعد التوتر والاشتباكات
بعد انتشار الشائعات، تجمع عدد من أبناء دير الزور القاطنين في حي الطيران في صحنايا، وخرجوا بأسلحتهم إلى الشوارع مطلقين النار في الهواء احتجاجًا على الحادثة. في المقابل، شهدت أحياء أخرى من المدينة حالة من الترقب والاستنفار، وسط مساعٍ من وجهاء البلدة للتحقق من صحة الادعاءات.
مع تزايد التوتر، حاول المتجمعون الدخول إلى الأحياء التي يقطنها أبناء السويداء، إلا أن قوات الأمن العام تدخلت ومنعتهم من القيام بذلك. كما جرت مشاورات مكثفة بين وجهاء من الطرفين مع مسؤولين أمنيين من أجل احتواء الموقف، واتُّفِق على استدعاء أطراف النزاع إلى ناحية صحنايا لتوضيح ملابسات الحادثة رسميًا.
كشف الحقيقة واحتواء الأزمة
بعد استدعاء الفتاة المعنية والتحقيق معها أمام الوجهاء والمشايخ، أكدت أن جميع الادعاءات حول تعرضها لاعتداء جسدي أو لنزع نقابها لا أساس لها من الصحة. وأوضحت أن ما جرى كان سوء تفاهم تحول إلى فورة غضب، خاصة بعد محاولة اعتقال شقيقها الذي تورط في قضية سرقة.
بفضل جهود الوجهاء من الطرفين، جرى نزع فتيل الأزمة بسرعة، وعادت الأوضاع إلى طبيعتها. رغم ذلك، سلطت هذه الحادثة الضوء على خطورة الأخبار المضللة والتحريض الطائفي الذي يمكن أن يؤدي إلى فتنة حقيقية.
التضليل الإعلامي ودوره في تأجيج النزاع
انتشرت خلال الأزمة شائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث زعمت بعض الصفحات وقوع قتلى وجرحى نتيجة الاشتباكات، في حين روجت أخرى لمعلومات مغلوطة عن اعتداءات طائفية. كما تداولت بعض القنوات الإعلامية المعروفة أخبارًا غير دقيقة عن دخول قوات الأمن العام إلى البلدة لفض الاشتباكات.
لكن وفقًا لمصادر رسمية وطبية في صحنايا، لم تسجل أي حالة وفاة أو إصابة خلال الأحداث، كما لم تحدث عمليات اقتحام أو اشتباكات مباشرة بين القوى الأمنية والمحتجين. وأكدت المصادر أن بعض المشاهد التي تم تداولها عبر الإنترنت كانت خارج سياقها الحقيقي، واستخدمت في إطار تضليلي يهدف إلى تأجيج الفتنة بين أبناء المنطقة.
دروس مستفادة من الحادثة
توضح هذه الحادثة أهمية التحقق من صحة المعلومات قبل تداولها، وضرورة مواجهة حملات التحريض الإعلامي التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار. كما تؤكد على أهمية دور الوجهاء والشخصيات المجتمعية في تهدئة الأوضاع ومنع تفاقم الخلافات.
بلدة صحنايا، التي تضم تنوعًا سكانيًا يشمل الدروز والمسيحيين وأبناء العشائر من دير الزور وحوران، تعكس نموذجًا للتعايش السلمي الذي يجب الحفاظ عليه، بعيدًا عن محاولات زرع الفتنة والانقسام.