اعتقالات سياسية تهز تركيا: هل تواجه المعارضة تصعيدًا غير مسبوق؟

وكالة أنباء آسيا

2025.03.19 - 10:59
Facebook Share
طباعة

 في خطوة مفاجئة هزت الأوساط السياسية التركية، اعتقلت السلطات عددًا من الشخصيات البارزة في المعارضة، وعلى رأسهم رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بتهم تتعلق بالإرهاب والفساد، وتأتي هذه الاعتقالات في ظل أجواء سياسية متوترة وصراع محتدم بين المعارضة والحكومة التركية.


تفاصيل الاعتقالات والتهم الموجهة
أصدرت النيابة العامة في إسطنبول، يوم الأربعاء 19 مارس، مذكرة اعتقال بحق سبعة شخصيات بارزة، من بينهم إمام أوغلو ونائبه ماهر بولات، إضافة إلى رئيس بلدية شيشلي، رسول إمرة شاهان، وتزامنت هذه الاعتقالات مع حملة أمنية واسعة طالت 106 شخصيات أخرى في إسطنبول.


وفقًا لما نقلته وسائل إعلام تركية مثل "TRT Haber"، فإن التهم الموجهة لإمام أوغلو تتضمن:
- التواصل مع قيادات في حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة كمنظمة إرهابية.
- تبييض الأموال من خلال عمليات بيع وشراء مشبوهة.
- الفساد المالي عبر تلقي رشاوى وإجراء معاملات غير قانونية منذ توليه رئاسة بلدية بيليك دوزو.


إجراءات أمنية صارمة وقيود على الحريات
بالتزامن مع حملة الاعتقالات، أصدرت ولاية إسطنبول قرارًا بحظر التظاهرات والبيانات الصحفية لمدة أربعة أيام بحجة الحفاظ على الأمن العام، كما تم فرض قيود على الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب انتشار مكثف لقوات الأمن في مناطق رئيسية مثل الفاتح.


هذه الإجراءات أثارت قلق المعارضة والمراقبين، حيث اعتبرها البعض خطوة لتكميم الأفواه ومنع أي احتجاجات محتملة.


ردود الفعل المعارضة: انقلاب على الديمقراطية؟
إمام أوغلو ظهر في تسجيل مصور قبيل اعتقاله، حيث قال إن "إرادة الشعب تتعرض لضربة قوية"، متهمًا السلطات باستخدام الأمن كأداة لقمع المعارضة. كما تعهد بمواصلة النضال ضد ما وصفه بـ"العقلية الأمنية" التي تحاول إقصاء المنافسين السياسيين.


من جهته، وصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوغور أوزال، هذه الاعتقالات بأنها "انقلاب سياسي"، مشيرًا إلى أن هناك محاولات لمنع المعارضة من تقديم مرشح رئاسي قوي في الانتخابات المقبلة عام 2028. وأضاف في تغريدة عبر حسابه في "إكس": "نحن نواجه محاولة انقلاب ضد رئيسنا القادم. هناك قوة خفية تريد منع الأمة من اختيار رئيسها بحرية."


إمام أوغلو ومستقبله السياسي
يعد إمام أوغلو أحد أبرز الوجوه المعارضة في تركيا، حيث تمكن من الفوز برئاسة بلدية إسطنبول مرتين، رغم الضغوط السياسية، كما يُنظر إليه كأحد أقوى المرشحين المحتملين لمنافسة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية المقبلة.


وتعرض إمام أوغلو سابقًا لعدة حملات قضائية، حيث تم إلغاء شهادته الجامعية بحجة التزوير، وهو ما وصفه بأنه قرار سياسي يهدف إلى تشويه سمعته.


سوابق الاعتقالات السياسية في تركيا
لم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الحكومة التركية شخصيات معارضة، ففي 30 أكتوبر 2024، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، أحمد أوزر، بتهمة الارتباط بحزب العمال الكردستاني. كما شهد يونيو 2024 اعتقال رئيس بلدية هكاري، محمد صديق أكيس، بالتهمة ذاتها.


وتشير هذه الاعتقالات إلى سياسة متصاعدة ضد المعارضة، خاصة الأحزاب ذات الخلفية الكردية، مثل حزب "الديمقراطية والمساواة" (DEM)، الذي تم استهداف العديد من كوادره في السنوات الأخيرة.


هل تتجه تركيا نحو مزيد من القمع السياسي؟
مع تصاعد الاعتقالات والقيود المفروضة على الحريات، تتزايد المخاوف من أن تكون هذه الإجراءات جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحجيم المعارضة وإضعاف منافسي الحزب الحاكم قبل الانتخابات الرئاسية القادمة. وبينما يرى أنصار الحكومة أن هذه الخطوات ضرورية للحفاظ على الأمن القومي، تعتبرها المعارضة هجومًا مباشرًا على الديمقراطية وحقوق الإنسان.


في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى تقوية المعارضة أم ستنجح الحكومة في إحكام قبضتها على المشهد السياسي؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل تركيا السياسي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 2