مئة يوم على المرحلة الانتقالية في سوريا: بين الإنجازات والتحديات

وكالة أنباء آسيا

2025.03.18 - 12:57
Facebook Share
طباعة

 بعد مرور مئة يوم على بدء المرحلة الانتقالية في سوريا، تواصل السلطات الجديدة العمل على إرساء أسس الحكم في ظل أوضاع داخلية معقدة وتحديات إقليمية ودولية. ورغم اتخاذ خطوات واسعة في مجالات عدة، لا تزال العقبات السياسية والأمنية والاقتصادية تلقي بظلالها على مستقبل البلاد.


منذ الإعلان عن تشكيل حكومة مؤقتة بقيادة محمد البشير في ديسمبر 2024، اتخذت السلطات الجديدة سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تحقيق الاستقرار. شملت هذه الخطوات تعيين أحمد الشرع زعيماً للسلطة الانتقالية، توقيع اتفاق مع الأكراد لدمج مؤسساتهم في الدولة، وإصدار إعلان دستوري للمرحلة المقبلة.


إلى جانب هذه التطورات، انخرطت الحكومة في تحركات دبلوماسية لتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، في محاولة لاستقطاب الدعم اللازم لإعادة إعمار البلاد والتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية. كما أجرت الحكومة لقاءات مكثفة مع دول الجوار لمحاولة بناء تحالفات جديدة تسهم في استقرار سوريا خلال المرحلة القادمة.


التحديات التي تواجه السلطات الانتقالية

الوضع الأمني
رغم الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار، لا تزال بعض المناطق تشهد اضطرابات أمنية، لاسيما في منطقة الساحل السوري، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات مسلحة. هذه التوترات الأمنية تعكس استمرار التحديات المرتبطة بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وضمان الأمن الداخلي. كما تواجه الحكومة تحديات أخرى، مثل انتشار الأسلحة ووجود جماعات مسلحة غير خاضعة للسلطة المركزية، مما يزيد من تعقيد مهمة استعادة الأمن في كامل الأراضي السورية.


التحديات الاقتصادية
تواجه سوريا وضعًا اقتصاديًا صعبًا نتيجة العقوبات المفروضة والتداعيات الطويلة للصراع. ورغم تخفيف بعض القيود الأوروبية على قطاعات معينة، لا يزال الاقتصاد يعاني من نقص الاستثمار وضعف البنية التحتية، مما يزيد من صعوبة تحسين المستوى المعيشي للمواطنين. كما أن التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية يشكلان عبئًا إضافيًا على المواطنين، وسط محاولات الحكومة لخلق بيئة استثمارية أكثر استقرارًا وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.


إضافةً إلى ذلك، تعمل السلطات الجديدة على برامج إصلاح اقتصادي تهدف إلى إعادة تنشيط قطاعي الصناعة والزراعة، وإيجاد حلول مستدامة لأزمة الطاقة والكهرباء، التي لا تزال تؤثر سلبًا على الحياة اليومية للسوريين.


العلاقات الخارجية والتدخلات الإقليمية
تظل التوترات مع إسرائيل وتركيا عاملاً مؤثراً في المشهد السوري، حيث تواصل إسرائيل شن غارات على مواقع عسكرية داخل البلاد، بينما تراقب تركيا عن كثب الاتفاقات الداخلية، خاصة تلك المتعلقة بالأكراد. كما لا تزال القوات الأمريكية متمركزة في شرق الفرات، مما يعكس استمرار التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة.


من ناحية أخرى، تسعى الحكومة إلى إعادة بناء علاقاتها مع الدول العربية، حيث شهدت الفترة الماضية تقاربًا مع بعض العواصم العربية بهدف الحصول على دعم سياسي واقتصادي يعزز الاستقرار الداخلي. ومع ذلك، لا تزال التحديات الدبلوماسية قائمة، خاصة فيما يتعلق بموقف بعض الدول الغربية التي تترقب تطورات الوضع قبل اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبل العلاقة مع سوريا.


رؤى متباينة حول ما تحقق حتى الآن
يرى بعض المحللين أن السلطات الانتقالية تمكنت من تحقيق تقدم في إدارة المرحلة رغم الظروف الصعبة، فيما يعتقد آخرون أن التحديات الأمنية والاقتصادية لا تزال تعرقل تحقيق الاستقرار الفعلي. من جهتها، أعربت بعض الأطراف السياسية والمجتمعية عن قلقها إزاء تمثيل مختلف مكونات الشعب السوري في القرارات المصيرية. كما أثيرت تساؤلات حول قدرة الحكومة الانتقالية على تحقيق مصالحة وطنية شاملة تضمن مشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية في صياغة مستقبل البلاد.


على المستوى الشعبي، تتباين الآراء بين من يرى أن التغييرات الأخيرة لم ترقَ إلى مستوى التطلعات، ومن يأمل أن تؤدي المرحلة الانتقالية إلى بناء دولة أكثر استقرارًا وعدالة. وتظل المطالب الشعبية تتركز حول تحسين الأوضاع المعيشية، ضمان الحقوق الأساسية، وإجراء انتخابات حرة تعكس الإرادة الشعبية.


المستقبل والتوقعات
مع استمرار المرحلة الانتقالية، يظل نجاحها مرهونًا بقدرة السلطات على تجاوز العقبات الأمنية والاقتصادية، وتحقيق توافق سياسي شامل يضمن تمثيل جميع الأطياف المجتمعية. وبينما تستمر المفاوضات الداخلية والخارجية، يبقى المواطن السوري في انتظار خطوات ملموسة تعكس تحسنًا في حياته اليومية وتعيد بناء الثقة في مؤسسات الدولة.


في الأشهر المقبلة، سيكون على الحكومة مواجهة تحديات كبيرة، بدءًا من استكمال الإصلاحات الدستورية، وإجراء حوار وطني شامل، ووضع خطط لإعادة الإعمار، وصولاً إلى تنظيم انتخابات حرة يمكن أن تحدد مستقبل الحكم في سوريا. يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح السلطات الانتقالية في تجاوز هذه العقبات، أم أن التحديات ستظل تعيق مسيرة التحول السياسي في البلاد؟

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8