انتشر شريط مصور يُظهر عناصر مسلحة تابعة لوزارة الدفاع داخل منزل يعود لأفراد من الطائفة العلوية في إحدى قرى الساحل السوري، حيث وثق أحدهم المجزرة التي ارتُكبت بحق سكان المنزل، ويكشف التسجيل استخدام عبارات مثل "التطهير الطائفي"، إلى جانب إصدار أوامر مباشرة بإعدام أي شخص آخر داخل المنزل دون أخذ أسرى. وفي مشهد آخر، يظهر أحد المسلحين وهو يحمل رمزاً دينياً خاصاً بالطائفة العلوية، مشيراً إلى هوية سكان المنزل، مما يعكس حجم الفخر بارتكاب هذه الجرائم.
كما ظهر في تسجيل آخر عنصر آخر داخل أحد المنازل في منطقة صافيتا بريف طرطوس، وهو يتوعد بالانتقام من أبناء الطائفة.
تعكس هذه المشاهد حالة الانفلات الأمني المتزايد، مما يشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي في البلاد، الأمر الذي شددت عليه جهات حقوقية مستقلة في تحذيراتها المتكررة حول ضرورة ضبط الأوضاع وحماية المدنيين.
ولا تزال حصيلة الضحايا المدنيين تتزايد في الساحل السوري منذ 6 آذار/مارس الجاري، نتيجة هجمات مسلحة استهدفت مواقع لقوات الأمن وتشكيلات وزارة الدفاع، ما أدى إلى تصعيد عسكري واسع راح ضحيته حتى الآن 1500 مدني، وفقاً لما وثقته مصادر حقوقية.
يُظهر هذا التصعيد الميداني مدى هشاشة الوضع الأمني في الساحل السوري، حيث تعكس هذه المجازر المتكررة تصاعد العنف الطائفي واستهداف المدنيين على أسس هوية دينية أو سياسية، ويربط مراقبون تصاعد أعمال العنف بالتوترات المتزايدة بين الأطراف المتناحرة، بالإضافة إلى العجز عن فرض حلول سياسية تُنهي دوامة الثأر والانتقام.
ويرى محللون أن استمرار هذه الجرائم دون أي ردع قانوني يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويزيد من احتمالات نشوء دوائر عنف متكررة، كما أن هذه الانتهاكات تُضعف فرص التوصل إلى أي تسوية سياسية مستقبلية، حيث تؤجج مشاعر العداء وتعمّق الشروخ المجتمعية.
وأشارت مصادر حقوقية إلى تزايد حالات الدفن في مقابر جماعية بالساحل السوري بعد توثيق مقتل حوالي 1393 مدنياً من أبناء الطائفة العلوية، ويخشى حقوقيون من استغلال هذه المقابر لاحقاً في سياقات سياسية قد تطمس الحقائق وتستخدم في ترويج سرديات تخدم أجندات معينة، مما يهدد حقوق الضحايا وذويهم ويعرقل تحقيق العدالة.
ودعت جهات حقوقية المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق عاجل في الانتهاكات وإرسال فرق توثيق مستقلة، وطالبت السلطات السورية بمحاسبة المتورطين في أعمال القتل والانتهاكات، محذرةً من أن غياب المحاسبة يهدد الاستقرار المجتمعي في المرحلة القادمة.
تشكل هذه الجرائم المروعة تحدياً خطيراً للسلم الأهلي في سوريا، ويؤكد ناشطون حقوقيون أن المساءلة العادلة هي السبيل الوحيد لمنع تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل.