تواصل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا ارتكاب انتهاكات واسعة بحق المواطنين في مناطق سيطرتها بمحافظة حلب، حيث شهدت الأيام الماضية سلسلة من عمليات الاعتقال والاختطاف التي طالت العديد من المدنيين، دون وجود مبررات قانونية واضحة، مما يسلط الضوء على تدهور الأوضاع الحقوقية في المنطقة.
اعتقالات تعسفية دون تهم واضحة
في حادثة جديدة، اعتقلت عناصر من الشرطة العسكرية أحد المواطنين من أهالي قرية كوندي مزن (الذووق الكبير) بناحية شيراوا، أثناء تواجده في منزل بقرية قسطل مقداد – بلبل، دون توجيه أي تهم واضحة بحقه. تأتي هذه العملية ضمن سلسلة من الاعتقالات التي تستهدف المدنيين، دون اتباع الإجراءات القانونية أو القضائية المناسبة.
وفي حادثة منفصلة، أقدمت دورية تابعة للشرطة العسكرية على اعتقال أحد المواطنين في حي الأشرفية بمدينة عفرين، بذريعة علاقته مع "الإدارة الذاتية" السابقة، وهو اتهام أصبح شائعًا لتبرير الاحتجاز التعسفي للمدنيين في المنطقة.
اعتقالات بغرض الابتزاز المالي
لا تقتصر عمليات الاعتقال على مجرد تقييد حرية المواطنين، بل أصبحت وسيلة للابتزاز المالي. ففي 24 شباط الماضي، اعتقلت دورية من الشرطة العسكرية مواطنًا من أهالي قرية ديكيه، بمركز ناحية بلبل، وذلك بغية تحصيل فدية مالية منه مقابل الإفراج عنه.
وفي اليوم ذاته، قام فصيل السلطان سليمان شاه، المعروف باسم "العمشات"، باختطاف أحد المواطنين واقتياده إلى جهة مجهولة، حيث لم ترد أي معلومات رسمية حول مصيره. وُجِّهت له تهمة التعامل مع الإدارة الذاتية، وهو ما يُعتقد أنه مجرد ذريعة لابتزاز أسرته ماليًا.
احتجاز رغم دفع الفدية
وفي انتهاك آخر، اعتقلت الفصائل المسلحة مواطنين اثنين من إحدى البلدات قبل نحو شهرين، ورغم قيام ذويهما بدفع مبالغ مالية لقاء الإفراج عنهما، لا يزالان محتجزين في سجن معراته المركزي بمدينة عفرين، تحت إشراف الشرطة العسكرية.
الوضع الحقوقي المتدهور في شمال سوريا
تعكس هذه الأحداث المستمرة حالة التدهور الحاد في أوضاع حقوق الإنسان بمناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، حيث يتم استخدام الاعتقالات كأداة للقمع السياسي والابتزاز المالي. في ظل غياب أي رقابة قانونية أو محاسبة للمسؤولين عن هذه الانتهاكات، تستمر معاناة المدنيين وسط حالة من عدم الاستقرار والخوف المستمر.
يتطلب الوضع في عفرين ومحيطها تدخلًا عاجلًا من المنظمات الحقوقية والجهات الدولية لوضع حد لهذه الانتهاكات وضمان حماية المدنيين من عمليات الاعتقال التعسفي والابتزاز المالي، مع ضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الجرائم.